ظافر أحمد أحمد:
مقولة (الانتقام الأميركي) وما يتفرع عنها من (حق الدفاع الأميركي عن النفس، وحق الرد الأميركي..) مقولات تشتغل عليها باستنفار كبير المنظومة السياسية والإعلامية الغربية وملحقاتها وأدواتها من مسلحين ومحللين ومثقفين وإعلاميين وسياسيين..
ويترافق القصف الإعلامي اليومي لعقول جماهير المنطقة العربية بعمل منظم لتشويه مفهوم المقاومة وتزوير من يمتلك حق الرد، ويفعل الخطاب الأميركي فعله في عقول البعض فتظهر تشوهات ثقافية عبر الميديا وشبكات التواصل الاجتماعي بأصوات نشاز مستنفرة لاستهداف الانتماء الوطني لحركات وأحزاب وقوى المقاومة المنتشرة في المنطقة والرافضة للاحتلالات الأميركية والإسرائيلية والتركية وعملائها…
يشنّ المطبخ السياسي الأميركي على مدار الساعة حرب تصفية ثقافة المقاومة، ويسوق شؤونها على أنّها ميليشيات تحل محل الدول التي تعمل في نطاقها الجغرافي، وأنّها قبضة لنفوذ خارجي، والأبرز أنّه يقرن وصفها بالإرهاب..
وزيادة في التزوير يجعل الخطاب الأميركي من كل عميل له بمرتبة (شريك محلي)، علماً أنّ الشراكة الأميركية مع الإرهاب هي أكثر وضوحاً من باقي الشراكات، فالولايات المتحدة تحرص على تشكيل ودعم تنظيمات إرهابية تعمل تحت مسميات التطرف الإسلامي وتنظيم القاعدة وفروعه كي تخترع سبباً لتكافحها في مناطق جغرافية تبعد آلاف الأميال عن الأراضي الأميركية وتحوّل حروبها المزعومة ضد الإرهاب إلى بوابة واسعة للاستثمار السياسي والتدخل في شؤون شتى الدول، وكانت أوضح النتائج في الحرب المدمرة لأفغانستان التي أعادت تشكيله ليكون في قبضة ذات الجهات التي شنت واشنطن الحرب عليها بحجة مكافحتها، كما ثبتت نتائج كارثية عن سنوات الاحتلال الأميركي للعراق، وكارثية على الأرض السورية أيضا حيث استثمرت في تنظيم داعش لتؤسس وترعى شركاء محليين بحجة مكافحته بينما مشروع هؤلاء الشركاء مشروع انفصالي، علماً أنّ المشروعات الانفصالية لشتى شركاء الاحتلال الأميركي تكشف تطرفاً من نوع خاص لا يقل خطورة عن التطرف المرتبط بتنظيم القاعدة وفروعه، فالاستثمار الأميركي في مكافحة الإرهاب يؤدي إلى العبث في جغرافية الدول، وذات النتيجة للاستثمار الأميركي في مساعدة الشركاء المحليين مع ربطهم بصفات مشتقة من قيم الديمقراطية الأميركية الخدّاعة..
خلاصة السياسة الأميركية على الأقل في بعض المناطق العربية تطلبت نشوء قوى مقاومة هدفها إفشال العمل الأميركي المنظم الخاص بالعبث والفوضى في الجغرافية العربية والثقافة العربية، وصد الاعتداءات الأميركية المرتبطة بوجود غير شرعي للجيش الأميركي، وتطلبت خطاباً مقاوماً يؤكد دائماً أنّ الاحتلال عمل إرهابي عدواني، وحق الدفاع عن النفس هو عمل يخص من يقاوم الاحتلال، وما من أعمال أو إجراءات احتلالية يمكن تسويغها ضمن حقوق إنسانية نبيلة..
