الثورة – أسماء الفريح:
أفشلت الولايات المتحدة مشروع قرار جزائري في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية باستخدامها مجدداً حق النقض “الفيتو”.
وذكرت وسائل إعلام أن 13 عضواً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صوتوا لصالح القرار فيما استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضده، وامتنعت بريطانيا عن التصويت.
وأكدت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها مساء أمس أن الفيتو الأميركي الذي يتحدى إرادة المجتمع الدولي، سيعطي ضوءاً أخضر إضافياً لكيان الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة عدوانه على قطاع غزة، ولتنفيذ هجومه الدموي على رفح.
وشددت الرئاسة، على أن هذه الإجراءات التي تتخذها الإدارة الأميركية تدعم وتوفّر الحماية لسلطات الاحتلال، وأن مشروع القرار الأميركي البديل الذي أعلنت أنها ستتقدم به إلى مجلس الأمن، جاء لتبرير استخدامها للفيتو على مشروع القرار الجزائري العربي.
وأكدت أن هذه السياسة تجعل من الولايات المتحدة شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية بما فيها القدس، محذرة من أن هذه السياسة أصبحت تشكل خطراً على العالم، وتهديداً للأمن والسلم الدوليين.
بدورها، أكدت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية أن إعاقة واشنطن صدور قرار يطالب بوقف العدوان، يُعد سابقة مشينة في تاريخ تعامل مجلس الأمن مع النزاعات المسلحة والحروب على مر التاريخ، الأمر الذي يترتب عليه المسؤولية الأخلاقية والإنسانية عن استمرار سقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، واستمرار معاناتهم اليومية تحت نير القصف الإسرائيلي.
كما استنكرت بشدة ما يمثله المشهد الدولي من انتقائية وازدواجية في معايير التعامل مع الحروب والنزاعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم، الأمر الذي بات يشكك في مصداقية قواعد وآليات عمل المنظومة الدولية الراهنة، ولاسيما مجلس الأمن الموكل إليه مسؤولية منع وتسوية النزاعات ووقف الحروب.
وفي الرياض، أكدت وزارة الخارجية السعودية أن هناك حاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى إصلاح مجلس الأمن، للاضطلاع بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين بمصداقية ودون ازدواجية في المعايير معربة عن أسفها جراء نقض مشروع القرار الجزائري.
كما أعربت سلطنة عُمان عن أسفها واستنكارها لفشل مجلس الأمن في إصدار قرار لوقف إطلاق النار في القطاع نتيجة تكرار استخدام حق النقض.
وأكّدت وزارة الخارجية العُمانية في بيان لها اليوم أنها تواصل دعوتها للمجتمع الدولي ومجلس الأمن بتيسير كل المبادرات الداعية للوقف الفوري لإطلاق النار وألا يقف المجلس عقبة في طريق السلام، داعية الدول الصديقة لأن تترجم مواقفها وتصريحاتها بشأن إحلال السلام إلى واقع عملي وإنساني عادل.
من جانبه، دعا مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أعضاء مجلس الأمن للتفكير في مدى سخافة الذريعة الأميركية في رفض مشروع القرار الجزائري.
وقال نيبينزيا إن “هدف واشنطن الحقيقي ليس السلام في الشرق الأوسط وليس حماية المدنيين، وإنما ضمان مصالحها الجيوسياسية، التي تتطلب حماية أقرب حليف لها في الشرق الأوسط بأي ثمن”.
كما انتقدت الصين وبشدة اليوم “الفيتو” الأميركي وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ في مؤتمر صحفي لقد “تفردت الولايات المتحدة مجدداً بفرض الفيتو جاعلة الوضع في غزة أكثر خطورة.”
وأضافت أن الأطراف المعنية ومن بينها الصين أعربت عن خيبة أمل كبيرة وعن استيائها إزاء الفيتو.
من ناحيته، قال تشانغ جيون مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، إن ادعاء الولايات المتحدة بأن مشروع القرار من شأنه أن يتعارض مع الجهود الدبلوماسية الجارية أمر لا يمكن الدفاع عنه على الإطلاق، مبيناً أنه بالنظر إلى الوضع على الأرض، فإن التجنب السلبي المستمر لوقف فوري لإطلاق النار لايختلف عن إعطاء الضوء الأخضر لاستمرار المذبحة.
وأوضح أن الجزائر، بالنيابة عن مجموعة الدول العربية، قدمت مشروع القرار الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وضمان وصول الإمدادات الإنسانية ورفض التهجير القسري، والإفراج عن المحتجزين مبيناً أن مثل هذا القرار، الذي يستند إلى الحد الأدنى من المتطلبات الإنسانية، مطلوب بشكل عاجل بسبب الوضع على الأرض ويستحق دعم جميع أعضاء مجلس الأمن.
وذكر أن نتيجة التصويت تظهر بوضوح أنه فيما يتعلق بمسألة وقف إطلاق النار في غزة،” ليس الأمر أن مجلس الأمن ليس لديه إجماع ساحق في الآراء، بل إن ممارسة حق النقض من قبل الولايات المتحدة هي التي تضيق الخناق على توافق آراء المجلس”.
وأكد أنه يجب على المجلس اتخاذ إجراءات للضغط من أجل وقف إطلاق النار، ولا ينبغي أن يكون هذا موضوعاً للنقاش، بل يعتبر التزاماً أخلاقياً لا يمكن للمجلس أن يتغاضى عنه، وقال إنها مسؤولية قانونية يجب أن يضطلع بها المجلس. بل والأكثر من ذلك، فإن هذا مطلب سياسي يجب على المجلس الوفاء به وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
وقال إن “حق النقض لا يمكن أن يكتم الدعوة القوية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.. لا يمكن لمجلس الأمن أن يوقف عمله لدعم العدالة والوفاء بمسؤولياته لمجرد استخدام حق النقض”.
وحث تشانغ “إسرائيل” على التخلي عن خططها للهجوم على مدينة رفح، ووقف العقاب الجماعي لشعب فلسطين موضحاً أن بلاده تدعو المجتمع الدولي إلى حشد كل الجهود الدبلوماسية لمنح أهالي غزة فرصة للنجاة، ومنح شعوب منطقة الشرق الأوسط بأسرها فرصة ليحظوا بالسلام، ومنحها فرصة للحصول على العدالة.
يذكر أنها المرة السادسة التي تمنع فيها الولايات المتحدة اعتماد قرار لوقف العدوان على قطاع غزة بعد أن عرقلت مشروعي قرارين روسيين واستخدامها الفيتو 3 مرات ضد مشاريع قرارات تقدمت بها روسيا والبرازيل والإمارات.