الثورة – أسماء الفريح:
تمر اليوم الذكرى السنوية الثلاثون للمذبحة البشعة التي ارتكبها مستوطن إرهابي بحق مئات المصلين الفلسطينيين داخل الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي جرائم إبادته الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي.
في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط عام ١٩٩٤ الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، تسلل الإرهابي باروخ غولدشتاين إلى داخل الحرم الإبراهيمي حاملاً سلاحه، وانتظر حتى سجد المصلون أثناء أدائهم صلاة الفجر ومن ثم فتح رصاصه، دمدم المتفجر ليخترق رؤوسهم وأجسادهم ما أسفر عن ارتقاء ٢٩ مصلياً وإصابة ١٥ آخرين.
شهود عيان أكدوا آنذاك أن مستوطنين إرهابيين آخرين قاموا بإمداد الإرهابي غولدشتاين بمخازن الذخيرة بينما كان يرتكب مجزرته تحت مرآى ومسمع قوات الاحتلال التي لم تحرك ساكناً بل إنها قامت بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الخروج والحؤول دون وصول النجدة لهم من الخارج لحماية من بداخله وإسعاف الجرحى.
قوات الاحتلال لم تكتف بما ارتكبه الإرهابي غولدشتاين بل إنها أطلقت الرصاص على الفلسطينيين أثناء تشييعهم ضحايا المجزرة وقتلوا عدداً منهم ما أدى لارتفاع عدد الشهداء إلى ٥٠ والجرحى إلى ١٥٠.
وبعد أن عمت المظاهرات الخليل وكل أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨ تنديداً بالمجزرة، واجهتها قوات الاحتلال بالقمع وإطلاق الرصاص ليصل عدد الشهداء في ذلك اليوم إلى ٦٠ بالإضافة إلى مئات المصابين.
وتمهيداً لتنفيذ مخطط كيان الاحتلال، القائم عليه منذ نشأته، بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم ومقدساتهم وتهويدها، قامت سلطات الاحتلال بعد المجزرة بإغلاق الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل لأكثر من ستة أشهر بزعم التحقيق في الجريمة لتنفذ مؤامرتها بتقسيم الحرم إلى قسمين وفرض واقع احتلالي صعب على حياة سكان المدينة.
كما وضعت سلطات الاحتلال كاميرات وبوابات إلكترونية على كل مداخل الحرم وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه بوجه المصلين الفلسطينيين باستثناء طريق واحد طبقت عليه إجراءات عسكرية مشددة إضافة إلى إغلاقها سوق الحسبة وخاني الخليل وشاهين وشارعي الشهداء والسهل لتفصل بذلك المدينة والبلدة القديمة عن محيطهما.
وإلى يومنا هذا، يحاول الاحتلال، ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على الحرم الإبراهيمي وإلغاء اعتباره وقفاً إسلامياً خالصاً حيث أنه أغلق المسجد عام ٢٠٢٠ لمدة ٧٧ يوماً ومنع رفع الأذان فيه ٥٩٩ وقتاً، فيما منع رفع الآذان 47 وقتاً خلال كانون الثاني من العام الجاري 2024 وفقاً لوزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني حاتم البكري إلى جانب اعتداءات المستعمرين المتكررة على الحرم في محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني عليه.
انتهاكات وممارسات سلطات الاحتلال في الخليل لم تتوقف حيث أنها أقامت فيها العديد من البؤر الاستيطانية وأغلقت شوارعها وارتكبت أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان من قتل وتدمير وحظر للتجول وحصار اقتصادي متواصل أدى لشل الحركة التجارية في أسواقها القديمة كما تستمر الاعتداءات على ممتلكات أهلها بهدم المباني الأثرية والتاريخية في أبشع مذبحة تستهدف طمس معالمها الحضارية وتغيير هويتها إلى جانب شقها طريقاً استعمارياً يربط بين مستعمرة “كريات أربعة” والحرم وجميع البؤر الاستعمارية بهدف تهويد المدي