الثورة – طرطوس – سمر رقية:
مع اقتراب زراعة محصول التبغ لهذا العام عاد المزارعون للمساحات الكبيرة المخصصة لزراعته لغلاء سعره في السوق السوداء بعد عزوف عدد كبير منهم عن زراعته العام الماضي بسبب تدني الأسعار في المؤسسة العامة للتبغ، هذا التذبذب وعدم استقرار المساحات المزروعة يؤكد جلياً فشل الحكومات المتعاقبة على مدى سنوات طويلة، بإيجاد بيئة تنموية زراعية تنهض ولو بمحصول زراعي كفيل برفع مداخيل المزارع وتحسن أحواله وعلى كل الصعد.
المزارع عاد هذا العام وزاد من المساحات المخصصة لزراعته، رغم غلاء مستلزمات الزراعة غلاء لا يتقبله ولا يتحمله عقل مزارع.
رئيس الرابطة الفلاحية في القدموس المهندس هيثم سليمان أكد لـ”الثورة” أن تكلفة زراعة 1 كيلو غرام من التبغ هذا العام بلغت 47 ألف ليرة من دون حساب كلفته للمياه في حال احتاج الماء لتكتمل دورته الزراعية، ومؤسسة التبغ سعرت كيلو شك البنت ب 27 ألف ليرة.
إصرار على الاستمرار
زراعة التبغ في مناطق طرطوس وأريافها قديمة جداً تزيد عن المئة عام وأكثر، والبئية المناخية هنا مناسبة جداً لنموه وهو الزراعة الوحيدة التي تدر دخلا للأسرة عند حاجتها للمصروف.
إذاً لماذا فشلت كل الجهات المعنية بتنمية هذه الزراعة وتحويلها إلى صناعة رغم وجود كل ما يلزم لتنمية ونجاح صناعة التبغ، والذي بات يعد أحد مصادر الدخل وبالعملات الأجنبية..!!؟.
يعاني مزارعو التبغ ومنذ سنوات طويلة بشكل عام، من ارتفاع مستلزمات الإنتاج مثل الأسمدة وغيرها، والمبيدات الحشرية اللازمة للأمراض التي يمكن أن تصيب المحصول، كما يشكّل ارتفاع تكاليف الإنتاج وحراثة الأرض عبئاً ثقيلاً، مع المجهود الذي يقوم به الفلاح خاصة مع عدم تناسب أسعار بيع المحصول، إضافة إلى أجور العمال المرتفعة أثناء زراعة وجني المحصول.
وحسب رأي مختصين بزراعة التبغ في تلك المنطقة، إنه وبسبب ارتفاع تكاليف وغلاء مستلزمات زراعة التبغ تراجعت زراعته العام الماضي ومع ارتفاع أسعاره في السوق السوداء في العام الماضي بسبب قلة الإنتاج وانخفاض المساحات المزروعة أقبل المزارعون هذا العام على زراعته وذلك لارتفاع أسعاره في السوق الحر إذ تجاوز سعر الكيلو الواحد من الورق ال (150) ألف ليرة وسعر الكيلو المفروم وصل عتبة ال (300) ألف ليرة.
رئيس اتحاد الفلاحين بطرطوس فؤاد علوش قال: “طالبنا في ظل المتغيرات اليومية بارتفاع الأسعار بشكل يفوق قدرة المواطن عشرات المرات أن يتم تحديد سعر التبغ المقدم للمؤسسة عندما يسلم المزارع محصوله كما هو حال موسم القمح بما يتجانس مع الأسعار الرائجة في وقت تقديمه، جاء ذلك في آخر لقاء مع المعنيين والذي كان تحت عنوان (ماذا يريد الفلاح من الدولة والدعم الأكثر).
فيما يرى خبراء زراعيون أن نقص الري والسقاية يقلل من إنتاجية التبغ وجودته، لذلك لابد أن يكون تأمين المياه في قائمة مستلزمات الدعم.
اليوم يقع على عاتق المؤسسات الحكومية ذات الصلة ضرورة إيجاد طرق مجدية ومفيدة لدعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وتضاف إليها دعمهم بالمياه لسقاية محصولهم، لأن محصول التبغ ليس فقط زراعياً بل هو مشروع صناعي رابح فيما لو استثمر الاستثمار الأمثل، بعد توطيد أرضيته الصناعية من إقامة معامل صغيرة لإنتاج السجائر في موطن زراعته، عندها سيدرُّ أرباحاً مضاعفة لخزينة القطاع العام.