الثورة – طرطوس – سمر رقية:
اللغة ليست أصواتاً وحسب، بل وسيلة تواصل ذات بعدين، زماني ومكاني، وحامل للفكر والثقافة وللهوية القومية، ولغتنا العربية لغة علم وحضارة وقيم، نقلت لكل لغات العالم بسبب تناغم مفرداتها.. هذا ما ذكرته الدكتورة هناء إسماعيل في محاضرة لها في المركز الثقافي العربي بطرطوس بعنوان (اللغة العربية والتحديات الراهنة) مشيرة إلى أهمية اللغة العربية وجمالياتها ومكانتها كما أبدت الخوف عليها والتحديات التي تواجهها.
الدكتورة إسماعيل أكدت على أهمية اللغة العربية كونها صلة الوصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وحاملة للفكر والثقافة والهوية ووحدة العرب لغةً، وحملت الرسالة الإنسانية للعرب- رسالة الحق والجمال عبر القرآن الكريم، وأوضحت جماليات العربية بكثرة الاشتقاقات من المفردة الواحدة، هذا ما لم نجده في لغات أخرى، وأيضاً كثرة المعاني وتشكيل الكلمات من جذر واحد، والجرس الموسيقي أي القدرة على التسجيع بشكل أكبر، وفي لغتنا نجد الكلمة لها معنى وضده، وما يزيد جماليتها التنقيط والتشكيل فتغيير نقطة يغير المعنى وتغيير تشكيل يغير المعنى أيضاً مثلاً باب- تاب هذا ما لم نجده في لغة أخرى.
وبينت أنه لا يمكننا تجاهل مرونة اللغة العربية بسبب قدرتها على استيعاب ألفاظ أجنبية وتطويلها ضمن قياسها، وأيضاً المثاقفة، فتأثرت وأثرت، إذ نجد في الدراما الهندية مفردات عربية مثل (محبوبة- شكراً).
وتكمن أهميتها من خلال قدرتها على التفاعل الحضاري على الرغم من اتهامها بأنها قاصرة عن حمل المستجدات (تقنيات عصرية وغيرها)، فعلماء وأدباء كتبوها وتكلموها وهم ليسوا عرباً كـ (الفارابي- والخوارزمي- وابن سينا- وابن المقفع)، فهي لغة حية متجددة قادرة على التفاعل والتعامل مع الماضي واستطاعت أن تحمل موروثها أكثر من 1500 عام.
ولفتت الدكتورة إسماعيل إلى أن كل ذلك لا يبرر خوفنا على العربية والذي هو قديم منذ الخلافة الراشدية عندما توسعت القوميات واختلط العرب بالعجم، لكن ما يقلقنا فعلاً تحديات العربية فهي تحديات قديمة وحديثة وداخلية مثل صعوبة تعلمها، وضعف الثقة وعدم الفهم ماذا أريد من اللغة العربية، مشيرة إلى أن التحديات الخارجية تكون حسب اللغة وممارستها فهناك البيئة الملوثة لغوياً (السينما، التلفزيون، مسلسلات، مسرح) لغتهم عامية أو لفظ مكسر، وأيضاً العولمة، بالإضافة إلى أن هناك تحديات مقصودة كقطع الصلة المكانية وبالتالي قطع الصلة بالتاريخ.
واختتمت محاضرتها بوضعها عدة حلول تمنت الأخذ بها منها التعريب وتساءلت بحزم لماذا لا نعرب؟. كذلك نحتاج تعزيز الثقة بالنفس، وأن تكون المناهج التربوية أكثر مرونة وأن نتكلم بالفصحى حتى على مستوى المسلسلات وبرامح الأطفال، والتحديات كبيرة على لغتنا لكن المواجهة من خلال التعليم منذ البدايات.