الثورة – علاء الدين محمد:
كنا نعد الأيام والليالي لقدوم العيد، ننتظره بفرح وشغف، كما ينتظر الطفل قدوم والده المسافر، مهللين مرحبين بقدومه، منتظرين ما يحمل لنا من بشائر وهدايا، مترقبين ألوانها وما تعكسه من فرح على محيانا، والأجمل كان الأب يقدم لنا تلك الهدية بحذر وترقب ينتظرنا حتى نفتحها، فإذا شعر أنها لاقت استحساناً يفرح لفرحنا, وإذا لمس أن إعجابنا بها ليس كما يجب, قام بتبديل الهدية إلى أن يرضي الجميع.. ويسأل كل منا أي الهدايا أجمل بغبطة وحبور.
أيام مضت ولا أجمل منها في مخزون ذاكرتنا، حيث الهدوء والأمن والأمان والألفة والمحبة بين الناس.
أياً كان العيد فهو فرصة لنفض غبار تعب الأيام ورمي كل الآلام خلفنا، واجتراح فرصة لصفاء النفوس والتغاضي عن صغائر الأمور والمآسي التي سببها لنا الآخر في لحظة ما، وسلوك طريق يليق بمباهج العيد وبركاته تسامحاً وليناً ووفاء فيما بيننا، والأجمل في العيد ألا نعامل الآخر كما يعاملنا، لأن قوام الدنيا غالب ومغلوب، وخير وشر، فإذا عاملنا أحد معاملة سيئة رددناها بالخير وإلا كنا مثله.
عيد الفطر الذي يأتي في الأول من شوال بعد شهر الصيام، هو بمثابة هبة أو منحة ربانية تتطهر فيها الناس، حيث يجعل العقول منيرة والقلوب مضيئة والجوارح نضرة، فهو يحمل دلالات كثيرة دينية واجتماعية وثقافية وغيرها.
ربما يحمل العيد هذا العام غصة وحسرة للناس في مجتمعنا العربي، وبالأخص السوري وكان لسان حالهم يقول: (عيد بأي حال عدت يا عيد).. بسبب ما تتعرض له بلدنا سورية وقضيتنا الفلسطينية واللبنانية واليمنية والعراقية، من حرب عدوانية غربية ظالمة على البشر والشجر والحجر.
ورغم ذلك نصنع النصر من بشائر أعيادنا ومن طهارة دم شهدائنا، ومن سماحة ضحكات أطفالنا وهم يغادروننا إلى العلياء.. نحن أمة مقاومة منذ الأزل وهذا ليس جديد علينا.. فكما انتصرنا سابقاً سننتصر مجدداً ولو كره الكارهون.