أ. د. جورج جبور:
حكم كل عمليات محاولة إقامة سلم بين العرب و”إسرائيل” ثابت هام كأنه نص إلهي هو وعد بلفور، نستطيع أن نرى فيه وعدين بوطن لمجموعة وبحقوق لآخرين، لكن تفوق الوطن على الحقوق ملحوظ.
لم تناقش عصبة الأمم فلسفة وعد بلفور، بل بنت عليه، ثم حين نوقش قرار تقسيم فلسطين جثم وعد بلفور كمعطى لا يناقش، ثم إذا استطاعت قمة دربان لمناهضة العنصرية اختراق ثوابت في الفكر الغربي فإن ما أتى بعدها مما يخص فلسطين ووعد بلفور أتى خجولاً جداً في 16 تشرين ثاني 2002.
أشير بذلك إلى ما قاله “جاك سترو” وزير خارجية المملكة المتحدة إلى مجلة “نيوستيتمنت” البريطانية من أن وعد بلفور وما جرى في موسم صدوره لم يكن “مشرفاً جداً”.
كانت كلمة “بلير” الانتقادية شبه الاعتذارية برقاً سريعاً خبا وخبا معه “بلير” نفسه كممارس للسياسة الخارجية.
كان وزير خارجية المملكة المتحدة عام 1917 خلع خليفته وزير خارجية المملكة المتحدة عام 2002.
وعد بلفور قوي حين شغل العرب بعرائض مليونية مطالبة بالاعتذار عنه جوبهت عرائضهم ليس بتصريح ناطق أمام إعلام بل بتصريح صامت.
أتى بيان نيسان عام 1916، فلنلاحظ: هو العام المئة، واضحاً في إثبات المسوغين الديني والتاريخي.
ثم انثنى ليشير إلى نقص في جلاء الحق السياسي، كان واضحاً أنه يقول: ليس الحق السياسي بوزن الحقين الديني والتاريخي.
يذكر للرئيس محمود عباس أنه تحدث في الجمعية العامة الأمم المتحدة عن الوعد، كان ذلك عام 1916 على ما أذكر، ولكن هل تحدث عن الوعد أكثر من مرة؟ لا أدري يقيناً، هل تحدث غيره من القادة العرب ومن الدبلوماسيين العرب في الأمم المتحدة عن الوعد؟، لا أدري يقيناً.
لكن من الواضح أن الوعد لم يناقش كلمة كلمة، وحتى حين صدر بيان المئوية في نيسان 2017 لم تتوقف أي جهة عربية أو دولية لتناقش جدية المسوغين الديني والتاريخي.
منذ البداية أحاطت هيبة – فوق- قانونية بوعد بلفور، لن نخطئ إن أسميناها هيبة لاهوتية، ونعلم جميعاً أن القانون الدولي علماني وكذلك عصبة الأمم والأمم المتحدة.
ماذا عن انصياع “العلماني” المستمر لـ “اللاهوتي” في قضية فلسطين؟، أعنى أننا نحن القانون الدولي نحن الأمم المتحدة سوغنا 7 تشرين الأول التي يراد لها أن تسوغ مقتل عشرات الآلاف بمعدل عشرات الضحايا مقابل كل ضحية، وينص إعلاننا أن الناس يولدون أحراراً متساوين، يا للازدواجية!.
كانت لدينا قمة عربية إسلامية لم تترك أثراً في الأحداث، أمامنا قمة البحرين، ولها أقول وصوتي خفيض لا يسمع لولا آلية التكبير الغزاوية، لها أقول: يا قمة العرب ابحثي في وعد بلفور وفي إيضاحه بعد مئة عام من صدوره، هو معاصر وإيضاحه كذلك.
قرأت نص وعد بلفور في كلمات مندوب بريطانيا كأنه قال في استنكافه عن التصويت لصالح عضوية فلسطين الكاملة، قال: ثمة وطن قومي جامع وثمة حقوق مبعثرة.
رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي