الثورة – رفاه الدروبي:
طرحت ندوة فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب حواراً شيِّقاً في ندوة عنوانها: “الرواية القصيرة والتجريب في الأنماط السردية كافة” أدار مجريات الحوار فيها الكاتب والناقد عماد نداف.
رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب الدكتور إبراهيم زعرور رأى أنَّ الإبداع ليس مسقوفاً وإنَّما هناك حرية يجب أن تكون مفتوحة، لأنَّ طريق الإبداع لا يخضع لضوابط قيمية لنفسه بنفسه لتأدية وظيفته الإنسانية والاجتماعية، كما تمَّ خلال الندوة إثارة حالة حوارية تفاعلية عالية المستوى.
وأشار الدكتور عبدالله الشاهر إلى أنَّ اتفاق أغلب الباحثين والنقاد المختصين في النقد الروائي فضلاً عن أصحاب المعجمات الأدبية والسردية على أنَّ “الحكايات العشرة أو” الديكاميرون لبوكاتشيو الإيطالي، والحكايات السبع أو الهبتاميرون” المبتدعة من قبل مارغريت دي نافار” زوجة هنري الرابع ملك القرن السادس عشر الميلادي، وتمثل الجذور الأولى أو الإرهاصات الأولى للرواية القصيرة في الإبداع العالمي، أما عربياً فالرواية القصيرة لم تحظَ بالاهتمام كما حظيت الطويلة أو القصة القصيرة لا من الناحية الإبداعية، ولا حتى من الناحية النقدية فمورس على النوع ذاته السرد والإقصاء والتهميش والاستلاب أيضاً عبر تذويبه في أنواع حكائية أخرى وانتزاع هويته قسراً، إذ كان في منطقة تتنازع الرواية والقصة على ملكيتها.
كما استند الناقد عبد الله إلى أنَّ الدكتور أبو المعاطي خيري يرى أنَّ مقامات بديع الزمان الهمذاني تُمثِّل الإرهاصات الأولى للقصة القصيرة، محدِّداً خصائص الرواية بلغة مكثفة تقترب بالسرد من الشعر وبما طرحه من خصائص الرواية حول حجمها ولغتها وازدواجية الدلالة، وبأنَّ بطلها وحدثها المركزي ووجهة النظر الخاصة واحدة في المحاور الثلاثة واعتمادها على الوصف الموجز الفعَّال، وتتسم تلك الخصائص بأنَّها لم تأخذ حظاً في النقد، ذاكراً عدداً من الروائيين الكبار من كتبوا الرواية القصيرة أمثال توماس مان، آرنست همنغواي، يوسف زيدان، نجيب محفوظ، غسان كنفاني، مصطفى محمود، طالب عمران.
بدوره الكاتب محمد الحفري بيَّن أنَّ هناك تشابهاً في طرح الرواية والقصة القصيرة كونها لا يمكن تحديد عدد كلماتها حتى الآن، وتأتي الدعوة في الوقت الراهن لكتابة الرواية القصيرة محددة بعدد من الكلمات، وعلينا أن نقر بالوقت ذاته بأنَّنا في زمن يحتاج إلى طرح الفكرة والقراءة السريعتين والكتابة المختصرة ولن يبقى أحد يعمل ضمن الأعمال الطويلة، منوِّهاً بأهميَّة الرواية القصيرة أيضاً بسبب اختلاف الزمن ولابدَّ من السعي إلى تجريب أنماط جديدة ومكثفة تساهم في الاختزال وتقليل الزمن وحفظه إلى أقصى حد ممكن وخاصة الشباب عندما يُجرِّبون الكتابة حديثاً.
أما صاحب دار النشر توتول محمد الطاهر فاعتبرها إحدى الفنون الأدبية القديمة، وكانت منذ القدم بين الأجناس الأدبية ومن القصةالقصيرة ولها دلالاتها ورمزياتها، ويغلب عليها طابع التكثيف، وتستخدم بطلاً محورياً وذلك في الأجناس العربية والأجنبية، ويوجد فيها الزمان والمكان برغم كثافتها وقصرها، وكان يطلق عليها تعبير الأقصوصة في الإنجليزية، وتمَّ التعارف على عدد كلماتها بين ١٠-٢٠ ألف كلمة وتكون ذات لغة سردية غير محكومة بالعدد من حيث الكلمات والصفحات وبعضها يصل إلى ٥٢ صفحة.
بينما أوضح الروائي أيمن الحسن بأنَّ مصطلح الرواية القصيرة غير مفهوم حتى الآن ولم توضع له ضوابط نقدية، وأبدى خشيته من الإصابة بنفس مرض القصة القصيرة جداً، منوِّهاً بأنَّها تُحدِّد عدد كلماتها بخمسين كلمة؛ فالأدب لاحاجة لتنميطه والخوف من الوقوع في مصيدتها عندما نريد أن نكتب نوصف بأسلوب وجداني عميق للمتلقي فالقراءة العميقة تُؤسِّس لما نكتبه ولابدَّ من تبيان الواقع.
