ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم: من المفارقات المكتظة بتناقض الألوان فيها أن تكون قطر وتركيا ومعهما الولايات المتحدة الأميركية عرابي حقوق الإنسان..
ومن مهازل السياسة أن يتحول ذلك الثالوث إلى بوق يجمع خلفه هذا الحشد من المصطفين على بوابة الانتظار لتقديم فروض الطاعة في مشهد يحاكي بحده الأدنى محافل للمرتزقة ورعاة القتلة والإرهابيين.
في محفل المرتزقة تجتمع المفارقات ويكون الكذب السياسي مناخاً خصباً لمهاترات لا تكتفي حينها بما تنطوي عليه من تناقض، بل تلم خلفها ما جمعته كرة الثلج المتدحرجة من مفرزات سياسية ملطخة بأوحال الماضي وجرائم الحاضر.
في العرف السياسي اعتادت المرتزقة السياسية ان تكون طفيليات على موائد اسيادها، لكنها في عرف اليوم باتت تتصدر الجلسات وتقود النقاشات، وهي تحمل في حقائبها ملفات ما اقترفته، وحصيلة ما اقترفته ايديهم على مدى الأشهر الماضية، وهي الملمة بتفاصيله وحيثياته!!
ولأن التلوث السياسي وصل إلى سقفه في سياسة الاقتراف الآسن، ثمة معضلة تطفو على السطح تزامناً مع صفاقة سياسية غير مسبوقة ولا معهودة من ثالوث سياسي.. أصابعه والغة بدماء السوريين دليلاً دامغاً على ما اقترفته سواء أكان على الأرض أم في السياسة.
فعندما يعلو الصوت في الحديث عن المرتزقة ودورها بشقيها السياسي والإجرامي يحضر الثالوث ذاك كشاهد إثبات في المفارقة الملونة تلك.. وهي تميط اللثام عن الخبايا التي تدير بها أمر العمليات الجديد في مشهد سياسي مغرق في دونيته وإجراميته.
بين المرتزقة السياسية والمرتزقة المجرمة التي فاحت روائح الفضائح فيها، وباتت رسماً أميركياً خالصاً على مدى حروبها الماضية، يأتي المحفل الجديد ليضفي عليها لوناً فاقعاً من التناقض الحاد الذي لا يكتفي بما أملته المعطيات، وإنما بما تكشفه من تفاصيل عن أدوار جديدة لتدريب المرتزقة مشاركة وبالنيابة عن أطراف ضالعة في التمويل والتسليح والتدريب والإيواء والحماية السياسية والإعلامية والأمنية.
في المحفل الجديد الذي نشاهد فصول مهاتراته هذه الأيام تتقاسم فيه أطراف التآمر جزئيات الحبكة السياسية والإعلامية وتتناوب في إدارته عبر صفقات تمويل ومزايدات لتجنيد المرتزقة، بعد أن عجزت أدواتها والمأجورون داخلها عن القيام بأعباء المهمة، فكان لابد من مرتزقة خارجيين اعتادت الشركات الأميركية وامتلكت الخبرة على تدريبهم وتأمين التمويل لهم على مدى العقود الماضية.
الأسئلة الحائرة التي تثيرها تلك المشاهد المتخمة بمفارقتها ربما كانت البوابة الجديدة لفتح ملفات المرتزقة، ومن بابها الواسع، وهي التي ارتكبت أبشع جرائمها على الأرض السورية..
وإذا كان أولئك المرتزقة بهوياتهم وانتماءاتهم موضع تساؤل، فإن الجهات التي تقف خلفهم واضحة لدى الجميع من قوى ودول ومنظمات، وهنا يحتاج الأمر إلى جدية في المساءلة لتحميلهم المسؤولية الكاملة.
ولعل المحفل الذي شهدته جلسة مجلس حقوق الإنسان برعاته وداعميه والمرتزقة السياسية فيه، تعكس إلى حد بعيد الخفايا التي تقف خلفه، بل الأهداف التي دفعتهم لتنفيذ الجريمة والأدوات التي نفذتها، والاستغلال البشع لها.
وليس ببعيد عنها ما يجري من حلقات تصعيد سياسي ودبلوماسي، والغاية في محصلتها النهائية إجهاض مهمة أنان، والذهاب إلى البدائل الأخرى التي تتحدث عنها أميركا صراحة.. وهذا غيض من فيض ما تراكم في الأيام الماضية، والقادم ربما كان أفظع.
فحين تتعرى الأهداف وتتكشف الوجوه.. يصبح المجرمون أكثر صفاقة حتى في حديثهم عن آلام ضحاياهم.. وأوجاع قتلاهم.. بينما رعاتهم السياسيون أكثر «فصاحة » في الإسهاب عن معاناة من أمعنوا في قتلهم وبدم بارد.
a-k-67@maktoob.com