كثيراً ما يثير قرار منح سلف مالية من الحكومة لمؤسسات اقتصادية كالسورية للتجارة والدواجن على سبيل المثال لا الحصر لدعم عملها وتأمين مستلزماتها لتأدية أحد أهم أهدفها، وهي توفير منتجات بأسعار تنافسية للسوق المحلي يثير تساؤلات عديدة لدى البعض عن عدم وجود تطور يذكر في فعالية أدائها وتدخلها الإيجابي يظهر استثمارها الأمثل لتلك السلف في مطارحها الصحيحة والمحققة لجدواها.
وفي المؤسستين المذكورتين كمثال فإن السورية للتجارة توقفت منذ أشهر طويلة عن تقديم عدد من المواد المدعومة على البطاقة ومنها السكر والرز، ولم ترتق بدورها التدخلي المطلوب في السوق لتكون لجانب المستهلك إلا في حدود متواضعة جداً أبعدتها عن مهام وصلاحيات واسعة تمتلكها ودعم كبير تتلقاه لم تستثمره لتكون المحرك الأكثر عملاً وفعالية في السوق، وبالمقابل فإن تراجع إنتاج المؤسسة العامة للدواجن وعدم تنفيذ خطتها خاصة في بعض المنشآت التي لم يتم إنتاج فروج واحد فيها رغم حالة الحاجة الماسة لمنتجاتها على اختلاف أصنافها، والفوضى الحاصلة في السوق بعد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الفروج والبيض وصولاً لغياب هاتين المادتين الأساسيتين عن موائد السوريين.
ولعلّ خير مثال على عدم توجيه السلف في مسارها الأمثل الأرقام الواردة من وزارة الزراعة عن خطط المؤسسة في إنتاج الفروج بين العام 2019 حيث كانت نسبة التنفيذ من الخطة 149 % والعام 2022 71 % والعام الماضي كانت متدنية جداً رغم كل الدعم والسلف والتوجيهات، وكذلك الحال بالنسبة لبيض المائدة الذي تراجع من 150 مليون بيضة عام 2019 إلى 115 مليون بيضة العام الماضي.
طبعاً بغض النظر عن الاتهامات الموجهة لإدارة المؤسسة العامة للدواجن وتحميلها كامل المسؤولية عن هذا التراجع، وعدم صرف السلف المقررة لها لعدم تقيدها بتقديم العقود ذات الصلة وغيرها من الأسباب، فإن الجميع يقع في دائرة المساءلة خاصة وزارة الزراعة التي يفترض أن تتابع وتقيم العمل والأداء على الأرض، وإن وجدت عدم قدرة على الإدارة والتنفيذ من قبل جهة تابعة لها، خاصة أن الحكومة تمنح السلف اللازمة لتطوير العمل وتجاوز الصعوبات. كان عليها اتخاذ القرار المناسب بالتدخل لتلافي هذه المرحلة التي وصلت لها المؤسسة على مدى سنوات لا أن يعلن القائمون على وزارة الزراعة تلك الأرقام المثيرة للتساؤل وتعتبرها اكتشافاً غير مسبوق لمكامن فساد ربما تكون سبباً في توسعه لعدم فرملته من البداية.
هذا الوضع لأهم مؤسستين اقتصاديتين يمكن أن يساق على العديد من المنشآت والمعامل العامة التي تركت سنوات تتخبط في خساراتها وتراجع إنتاجها حتى وصلت لمرحلة بات الحل صعباً جداً، ولكنه أكيد ليس مستحيلاً إن اتخذت القرارات والمعالجات اللازمة في الوقت المناسب.