تصنيع العقل العالمي أميركياً..

 

الثورة – ديب علي حسن:
قدر أميركا أن تؤمرك العالم.. بهذه العبارة المفتاحية اختزل أحد الرؤساء الأميركيين استراتيجية واشنطن التي تقوم على فلسفة أن أميركا هي أمة القطيعة مع الماضي، وكل ما كان قبل قيامها ليس بذي معنى، وهي مكلفة حسب الآباء المؤسسين برسالة إلهية هي قيادة العالم وبالتالي على الجميع أن يكونوا تحت السيطرة والأمر.
تتنوع وسائل هذه السيطرة ما بين العنف والغزو الثقافي والإعلامي الذي أيضاً تتعدد وسائله وأدواته.
نلمس الكثير منه على أرض الواقع وعبر أدوات الإعلام الذي تصدره للعالم.
ويرى الباحث المصري شوقي جلال في كتابه المهم ( العقل الأميركي يفكر ) أن صناعة الوعي أو تصنيع العقل وصياغة ثقافات الشعوب فناً دولياً تقنية تملك زمامها الولايات المتحدة أو الشركات متعدية القوميات.
ومن سخرية الأقدار أن تطالب هذه الشركات بإلحاح بحقوق الإنسان في جميع البلدان وتدعو إلى عقل حر، ولكن بمعنى: عقل متحرر من ثقافته القومية وانتمائه القومي وأهداف القومية، أي نبت بغير جذور، وصفحة بيضاء تملؤها بما تشاء من خلال برامجها، وأداتها في ذلك التليفزيون والسينما والكتب والصحف والأنباء والإعلانات الموجهة والمرسومة خصيصاً لهذا الغرض والعلاقات العامة والموضة، وكذلك إنشاء جماعات سياسية ودينية واجتماعية، بل وخلق بدع دينية أو اتجاهات تحمل طابعاً دينياً لإثارة الشقاق والفتن وتصدير قضايا ومذاهب فكرية تثير الخلاف وتستنزف الجهد ،ثم هناك برامجها وسياساتها الخاصة بمؤسسات ثقافة الطفل وكلها لصوغ عقول الناشئة داخل البيت وفي الطريق وفي المحال العامة وداخل المدرسة.
وهكذا يتحول الغزو الفكري أو التضليل الإعلامي إلى أداة للقهر والترويض وإخضاع الشعوب.
ويصدق هنا وصف شيلر للاستعمار الإعلامي، إذ قال: إنه جهد منظم وواع تقوم به الولايات المتحدة من خلال تنظيماتها الاقتصادية والعسكرية والإعلامية من أجل الحفاظ على تفوقها الاقتصادي والسياسي والعسكري، وحيث إن الاقتصاد العالمي المعاصر يسعى إلى تعزيز سيطرته من خلال تحالف رأس المال العالمي وتحطيم الحواجز القومية وتوحيد السوق العالمية فإن القضية في المجال الثقافي تصبح كيفية توظيف الإعلام والثقافة في مجتمعات العالم الثالث لخدمة هذه الأهداف اي ترسيخ تبعتيها الاقتصادية بوضع إمكاناتها الثقافية والإعلامية في خدمة مصالح رأس المال العالمي وأجهزته.
وترتضي النخبة الحاكمة في بلدان العالم الثالث هذا النهج في ترويض الشعوب لأنه ضمان بقائها في السلطة وأداتها هي أيضاً لتطويع الجماهير وتذليل قيادتها.
ولابأس من تكثيف الجرعة والمبالغة في برامج الإفساد والإغراق في الخيال كلما استشعرت نذير خطر واحتمال أن يكشف الشعب عن إرادة اجتماعية وجماعة للتغيير أو كما يوصف الأمر أحياناً: تهديد الاستقرار.
وتوظف الشركات متعدية القوميات نشاطها الإعلامي هذا لأغراض سياسية أيضاً تتمثل في شراء ذمم رجال الدولة و النخبة ولو من خلال العمولات الضخمة لصفقات تجارية حتى تبدو أمراً مشروعاً.
ويفيد هذا أمرين إذ تخلق منهم شريحة اجتماعية متميزة بحكم ثرائها الطارىء ومنعزلة عن المجتمع ثم يمهدون السبيل أمام الشركات (متعدية القوميات) لإنجاز مهامها واغراضها لخلخلة القيم وإشاعة الفساد والرشوة.
وليس هذا بجديد، بل إنها قضية واضحة تنبهت لها وحذرت منها مؤتمرات دول عدم الانحياز والدول الافرواسيوية إذ تحرص هذه الدعوة في مؤتمراتها على الاهتمام بموضوع الخلل في تدفق أو في ميزان المعلومات خاصة بالنسبة للثقافة ومحاولات تشويه صورة الدول النامية.
وتطالب هذه الدول بإقامة نظم اتصال خاصة بالعالم الثالث وتقديم العون لوكالات الأنباء في الدول غير المنحازة والقرار حق الحكومات في تقييد حرية بعض مصادر الأنباء وتدفق الأنباء عبر الحدود القومية وإنشاء محكمة عليا تابعة لليونيسكو لمراقبة سلوك وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم.)
والعدوان على غزة يفضح اليوم الكثير من التضليل الإعلامي الذي يمارس من قبل المؤسسات الغربية والأميركية مع أن كل شيء مكشوف ومفضوح لكنهم مازالوا يصرون على أنهم هم سادة العالم وأنهم مكلفون بقيادته وترويضه كما يرونه مناسباً لهم ولهذا يعملون على إعادة تشكيل العقل العالمي وفق جنونهم.

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً