يقول الإمام جعفر الصادق : (اشتروا وإن كان غالياً، فإنّ الرزق ينزل مع الشراء) أدهشتني هذه العبارة للصادق (عليه السلام) لاسيما أنه كان رجل أخلاق وعلم وأدب، وقد وصفه بعض الباحثين بقولهم كانت له مدرسة شبه سقراطيّة، وهو موصوف في موسوعة ويكيبيديا بأنه كان عالم فلك، ومتكلماً، وأديباً، وفيلسوفاً، وطبيباً، وفيزيائياً وكيميائياً أيضاً، وبالفعل العالم الكيميائي الشهير جابر بن حيّان هو أحد تلامذته.
فالصادق كان رجلاً صادقاً حقاً، وليس عبثاً أن يحظى بهذا اللقب على مرّ الأجيال، وهذا وإن كنتُ على يقينٍ منه فإن ما أدهشني هو أن يكون مُنظّراً اقتصادياً بهذا القدر من البراعة المُبسّطة فهنا كانت المفاجأة (الرزقُ ينزل مع الشراء) إنها عبارة بسيطة بمدلولٍ عميق وتعني أنه لا رزق مع عدم الشراء، أو بالمُجمل فإن حجم الرزق سيكون متناسباً مع حصاد الشراء، وهي إشارة دقيقة إلى مخاطر انهيار القدرة الشرائية وكوارثها، كالتي نعيشها اليوم.
الحكومة فعلت العكس عن قصدٍ أم عن غير قصد، عندما لم تعمل على تعزيز قدرتنا الشرائية، بل حجّمتها بشكل بدا مخيفاً لا يتناسب مع الأوضاع المعيشية الراهنة، فلم نتمكّن من المساهمة في الشراء ولا في تصريف الإنتاج ولا تحريك الاقتصاد الذي يبدو بمشهد حزين من الجمود والانكماش، فقد حُجِبَ الرزق عن البلاد، استناداً إلى مقولة الصادق، التي تتقاطع بشكلٍ كبير مع العلوم الاقتصادية والمنطق، فبشراء السلع والقدرة على اقتنائها واستهلاكها وتداولها، يزداد الطلب ويتحرك الاقتصاد وينتعش.. وينزل الرزق.
كما أن عبارة الصادق تتقاطع بوجهٍ آخر مع ما قاله السيد الرئيس بشار الأسد منذ أيام بأنه (إن لم يكن وضع الفقراء والشريحة الوسطى جيداً لا يمكن للاقتصاد أن يتحرك) والوضع الجيد المقصود – وإن كان متعدد الجوانب – يمكن أن يتّحد في بوتقة واحدة بالنهاية لتشكل مظهراً جامعاً هو (القدرة على الشراء) وما دامت هذه القدرة شبه منهارة اليوم بفضل الإجراءات الحكومية غير المحسوبة ولا المكترثة بارتدادات قراراتها وآثارها على الناس، فإن هذا يعني: لا نزول للرزق .. ولا تحرك للاقتصاد.