الملحق الثقافي- عمار النعمة:
لا شك أن سورية أرض المبدعين والحاضنة الأساسية للشعراء والكتّاب والملحنين الذين قدموا لنا أروع عطاءاتهم فكانواعلامة فارقة في تاريخ الإبداع والعطاء والجمال .
عبر السنين لم تغب الأغنية السورية الوطنية عن مسامعنا، فالسوريون أبدعوا بتقديم أجمل الأغنيات التي تحاكي الواقع والتي تدخل إلى القلب قبل الآذان أحياناً .. فهل ننسى من قاسيون أطلّ يا وطني ـ زيّنوا المرجة ـ صباح الخير يا وطناً ـ سورية يا حبيبتي التي مازلنا نعيش معها وتعيش معنا.
وهل ننسى أغاني الفنانين والمطربين العرب الذين خصوا بها سورية وعلى رأسهم السيدة فيروز مثل: قرأتُ مجدك، شام يا ذا السيف، سائليني، يا شام عاد الصيف، والتي يمكن تصنيفها تحت مسمّى الأغنية الوطنية أيضاً.
كثيرة هي القصائد التي لها معزوفة وطنية قوية تحفر في الوجدان فتعيش معنا ومع الفجر المُتَجِّدد فنحتفظ بها في خزائن القلب والعقول فعلى سبيل المثال قصيدة:
من قاسيون اطل يا وطني التي تحولت لأغنية وطنية سورية غنتها الفنانة دلال الشمالي وكتبها الشاعر خليل خوري وقد غنتها بالأصل الفنانة (لودي) الشامية…
تقول القصيدة :
من قاسيون أطل يا وطني
فأرى دمشق تعانق السحبا
آذار يدرج في مرابعها
والبعث ينثر فوقها الشهبا
أوسكرة للمجد في بردى
خلتْ على شفة الهوى حببا
أم أن سحراً مسها ويدا
ردتْ إليها القلب والعصبا
عجبا كأني الآن أعرفها
شمماً كما يرضى العلا وصبا
لأكاد أسمع ألف هاتفة
وهران تلثم في العلا حلبا
وصدى البشير يهزني طرباً
إنا أعدنا القدس والنقبا
عربية عادت مطهرة
تاريخها بدمائها كتبا .
ولأن الشاعر ابن الحياة فمن المؤكد أن تشرق صورة بلاده ونبتها الطيب في أشعاره .. وربما تتوثب المشاعر حزناً على حدث ما … ففي عام 1968 كتب الشاعر السوري نزار قباني قصيدة «أصبح عندي الآن بندقية» يقوم فيها بتحية الكفاح الفلسطيني، وفي العام التالي غنت أم كلثوم هذه القصيدة من ألحان عبد الوهاب،. وقد أعاد عبد الوهاب غناء هذه الأغنية وصدرت ضمن مجموعة وطنياته، وقد غنى عبد الوهاب هذه الأغنية بمصاحبة فرقة موسيقية، وربما هي المرة الوحيدة التي غنى مع فرقة موسيقية لحناً أعطاه قبل ذلك لأحد المطربين، والأهم أن من يسمع هذه الأغنية اليوم يشعر وكأنها مازالت تحاكي وجع الشعب الفلسطيني البطل المقاوم حتى اللحظة .
أصبح عندي الآن بندقية
إلى فلسطين خذوني معكم
إلى ربى حزينة
كوجه المجدلية
إلى القباب الخضر
والحجارة النبيَّة
عشرين عاماً وأنا أبحث عن أرضٍ وعن هوية
أبحث عن بيتي الذي هناك
عن وطني المحاط بالأسلاك
أبحث عن طفولتي
وعن رفاق حارتي
عن كتبي
عن صوري
عن كل ركن دافئٍ
وكل مزهرية
إلى فلسطين خذوني معكم
يا أيها الرجال
أريد أن أعيش أو أموت كالرجال
اليوم وبعد حرب ظالمة علينا امتدت لسنوات عديدة نحن بحاجة إلى مجموعة من الأغاني الوطنية التي تليق بسورية والسوريين …. صحيح أن خلال الحرب كان هناك مجموعة من الأغاني لكنّها لم ترتق إلى طموحنا وإلى مستوى الحدث … ولهذا كله نقول :إن الإبداع ولد من رحم هذه الأرض وبالتالي نحن بحاجة ماسة لإعادة الألق للأغنية الوطنية التي لم تفقد يوماً هويتها، قد تعثّرت أحياناً، إلا أنها لم تغب يوماً عن الخارطة الفنية… فهل نفعل ؟
العدد 1192 – 4 -6-2024