الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
الحبّ قادر على ترتيب أفكارنا وترجمتها إلى ما تملكه ذواتنا من مواهب، إما كتابة أو رسماً أو موسيقا، لنجد إنسانيّتنا فيه، هو الصورة الحقيقيّة لوجودنا، وكم قرأنا قصصاً عن الحبّ عبر التاريخ تركت أثراً إبداعياً تناقلته الأجيال بل وتشهد به باسم الحبّ الذي يطوّع كل إبداع إلى الأفضل، «أليس الابتداع أبقى من البحث عن المبدع في المبدعين؟» سؤالٌ وجهه جبران لزيادة حين راسلها وكان يريدها أن تكتب ما تخالجه روحها «ألا ترين أن نظم قصيدة أو نثرها أفضل من رسالة في الشّعر والشّعراء؟ إني كواحد من المعجبين بكِ أفضّل أن أقرأ لكِ قصيدة في ابتسامة أبي الهول مثلاً من أن أقرأ لكِ رسالة في تاريخ الفنون البصريّة لأن بقصيدتك تهبيني شيئاً نفسيّاً، أما بكتابتك رسالة في التاريخ فإنك تدلينني على شيء عمومي عقلي، وكلامي هذا لا ينفي كونكِ تستطيعين إظهار اختباراتك النفسيّة الذاتيّة في الكتابة وإظهار ما يطوف ويتمايل ويتجوّهر في داخل الرّوح». رسائلُ ما يقارب العشرين عاماً من دون أن يجتمعا تحت سقفٍ واحد، ولمّا توفّي جبران، دخلت زيادة مشفى الأمراض العقليّة وتوفّيت بعدها بفترة قصيرة، رسائلٌ تخلّدت في كتاب «الشّعلة الزرقاء»، ما هذا الحبّ الذي يولد الإبداع ويترك بصمة لافتة في تاريخ الأدب العربي تفتح باب التساؤلات كيف يعيش حبٌ على ورق، قصّة حب يشعل الفكر ويوقدُ الإلهام؟ لا أظنها تتكرر ولا رسائله أيضاً، وخاصة أننا أصبحنا في عالم رقميّ يسهل فيه التواصل والمشاهدة واللقاء في عالم بتنا فيه مجرّد رقم عابر لن يترك أثراً إذا ما تم توظيفه بطريقة تخدم رسائلنا الفكريّة التي خلقنا كي نتممها بجوهرنا الإنساني.
العدد 1192 – 4 -6-2024