الثورة – وفاء فرج
أكد الباحث الاقتصادي والصناعي نزيه شموط في حديثه لـ”الثورة “، حول الإعلان عن طباعة أوراق نقدية جديدة وانعكاس ذلك اقتصاديا، أن طباعة العملة الجديدة ستمنح المصرف المركزي أداة تحكم بالنقد العام فقدها خلال المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، حين كانت تدار من قبل مافيات لا حكومات وكانت الطباعة والطرح لخدمة مصالح ضيقة بعيدة عن دعم الاقتصاد والتنمية.
ولفت إلى أن الإصدار الجديد سيلغي الكميات الضخمة التي تم تهريبها إلى خارج سوريا وتخزينها بيد شبكات النظام القديم، لتصبح بلا قيمة وسيمكن ذلك من رصد أي تحركات غير طبيعية لكميات كبيرة، قد تقود الى كشف هذه الشبكات وانهائها.
وبين شموط، أن العملة الجديدة ستخفف من العبء اليومي على المواطن، بعد أن أصبحت الفئات الحالية مثار سخرية وتهكم علني حتى من بعض اليوتيوبر الذين زاروا سوريا بعد سقوط النظام البائد، وأظهروا كيف أن شراء حاجيات بسيطة يحتاج إلى أكياس كاملة من الأوراق النقدية.
وأشار إلى أن إعادة هيكلة العملة ليست مجرد ورق بل مسألة هيبة وصورة دولة، وبداية مرحلة نهضة يجب أن تعكس الجدية والاعتبار الاقتصادي، لا العشوائية السابقة ، معرباً عن ثقته بقدرة القائمين على الملف على إدارة هذه المسائل بمستوى مسؤول.
وبين شموط أن حذف صورة المجرم من على العملة أمر أساسي، فاستمرار وجودها حتى الآن يعد إهانة لدماء شهداء الثورة السورية وتضحياتهم، وهذا البعد الرمزي لا يقل أهمية عن الجانب الاقتصادي.
واعتبر شموط، أن الطباعة في روسيا خيار سيئ جدا، وكان مرفوضا حتى من الحكومة وأصحاب القرار أنفسهم، لكن يبدو أن الخيارات كانت محدودة وربما وحيدة، مع ذلك لا يمكن إنكار أن هذا الخيار يرسل رسالة سلبية عن الثقة بالاقتصاد السوري والتوجه الحكومي، ويؤكد الارتهان لمؤسسات غير مؤتمنة الجانب، وهو ما سينعكس سلباً على الداخل والخارج.
ويرى أن حذف صفرين من الليرة لن يرفع القدرة الشرائية ولن يحل التضخم، لكنه سيسهل الحسابات والتعاملات التجارية، معتبراً أن نجاح هذه الخطوة مرتبط ببرنامج إصلاحي متكامل ، يشمل ضبط السيولة، دعم الصناعة والتصدير، تحفيز الانتاج ، ومحاربة الفساد والتهريب، وإلا فإن الأوراق الجديدة ستنهار كما انهارت القديمة.
على المدى القريب، يؤكد شموط، أنه قد تمنح العملة الجديدة شعوراً بمرحلة جديدة وراحة شكلية في السوق، لكن على المدى المتوسط والبعيد، إن لم تربط بخطة اقتصادية شاملة وشفافة، فلن تكون أكثر من تغيير شكلي على جدار متصدع سرعان ما يتهاوى.
وتمنى شموط، أن لا تلجأ الحكومة مستقبلاً الى منع تداول الدولار والعملات الأخرى بحجة حماية الليرة من التضخم ، لأن مثل هذا الإجراء سيكون ضربة قاتلة لكل جهود التنمية والنهوض الاقتصادي.
