حذف الأصفار من الليرة السورية..   خبراء  ل ” الثورة “: خطوة تنظيمية في طريق  الإصلاح الاقتصادي

الثورة  – عبد الحميد غانم

يتداول في الأوساط الاقتصادية السورية كلام عن إصدار أوراق نقدية جديدة وحذف أصفار من العملة السورية، في محاولة لاستعادة الثقة في الليرة التي انخفضت قيمتها بشدة.
وتهدف الخطوة إلى تعزيز الليرة السورية بعد إنهيار قوتها الشرائية إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في أعقاب حرب استمرت 14 عاماً، وخسرت الليرة السورية أكثر من 99 بالمئة من قيمتها منذ اندلاع الحرب عام 2011، ووصل سعر الصرف الآن إلى أكثر من  10 آلاف ليرة .
“الثورة” استطلعت آراء عدد من الاقتصاديين، وتباينت تلك الآراء حول أهمية هذه الخطوة.

أثرها محدود

فقد رأى رجل الأعمال والمستثمر علاء دبيك، أن حذف الأصفار من العملة السورية هو إجراء اتخذته عدة دول سابقاً، مثل تركيا والبرازيل بهدف تسهيل الحسابات وتقليل حجم الأرقام المتداولة.


وقال: رغم أن القرار يسهّل التعامل النقدي ويخفف الضغط على الأنظمة المصرفية، إلا أنه لا يعالج التضخم ولا يرفع من القوة الشرائية للعملة.
لذلك، وبحسب دبيكة، فإن نجاح هذه الخطوة في سوريا مرهون بوجود إصلاحات اقتصادية أعمق تضمن استقرار الأسعار وزيادة الإنتاج.
واعتبر دبيكة أن حذف الأصفار يعد خطوة تنظيمية تُسهِّل العمليات الحسابية، لكنها لا تؤثر على القوة الشرائية للعملة.
وبالنسبة للاستثمار، هذه الخطوة، كما يرى دبيكة لا تجذب رؤوس الأموال ولا تحفز المشاريع بحد ذاتها، لأن المستثمر يبحث أولاً عن استقرار اقتصادي وقوانين واضحة وبيئة آمنة للعمل.
لذلك، ووفقا لـ”دبيكة”: يبقى أثرها محدوداً على الاستثمار ما لم تترافق مع إصلاحات حقيقية تضمن استقرار الأسعار وتعزز الثقة بالسوق المحلي.

استقرار مالي

أما الخبير والمستشار الاقتصادي عامر ديب، أشار إلى أن ما تداولته وكالة رويترز مؤخرًا أنباءً عن نية الحكومة السورية  حذف صفرين من العملة الوطنية (الليرة السورية)، ورغم عدم صدور أي تصريح رسمي حتى الآن، إلا أن مثل هذه الخطوة لا يمكن أن تحقق نتائجها المرجوة ما لم تسبقها إصلاحات اقتصادية حقيقية.


وشدد ديب على أن أول هذه الإصلاحات يتمثل في تنظيم الاستيراد والتصدير وفق مبادئ الإنتاج والعرض والطلب، بما يضمن تحقيق توازن في السوق الداخلية.
وقال: لقد رأينا عدة تقارير رسمية عن إرتفاع أسعار الخضار والفواكه 100 بالمئة بعد قرار وزارة الاقتصاد والصناعة إيقاف الاستيراد، رغم أن القرار لم يبن عن دراسة الانتاج ومازال التصدير مستمراً رغم الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب والانتاج.
وبين ديب أنه يرافق ذلك ضرورة وضع مواصفات ومعايير للجودة في الإنتاج الصناعي، للحفاظ على ثقة المستهلك ودعم تنافسية المنتج المحلي.
إلى جانب ذلك، أكد ديب، أنه لا بد من تعزيز الثقة بالسياسة النقدية من خلال حرية السحب والإيداع، وتقديم تسهيلات مصرفية حقيقية للتجار والمشاريع التنموية، إذ أن أي إجراء شكلي لن ينجح دون وجود استقرار مالي، كما أن معالجة البطالة عبر زيادة النمو الاقتصادي تُعدّ أولوية لا يمكن تجاوزها، إذ يشكل خلق فرص العمل الأساس لتخفيف الضغوط الاجتماعية.
وفي السياق ذاته، اعتبر ديب أن تعزيز منظومة الدفع الإلكتروني أكثر جدوى من طباعة أوراق نقدية جديدة، خاصة أن إصدار نقد غير مغطى بالذهب أو بالإنتاج سيؤدي إلى تضخم متسارع، كما أن تطوير القطاع الزراعي يبقى ركيزة أساسية للأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.
محذراً من أن طرح موضوع حذف الأصفار، في غياب هذه الإصلاحات، سيكون إجراءً مؤقتًا يعيد التضخم سريعًا وربما بوتيرة أشد.
واعتبر  أن الاقتصاد السوري يحتاج اليوم إلى خطة تكتيكية عاجلة لمعالجة الأزمات اليومية، بالتوازي مع خطة استراتيجية طويلة الأمد تقوم على دعم الإنتاج المحلي، وإصلاح السياسات النقدية، وتفعيل أدوات التنمية.
وقال: لا يمكن في النهاية إغفال البعد الجيوسياسي للأزمة السورية، إذ أن أي إصلاح اقتصادي حقيقي يظل مرتبطًا بالاستقرار السياسي والعلاقات الدولية، ما يجعل الحل أعمق بكثير من مجرد تغيير في شكل العملة.

شروط بنيوية

حول الانعكاسات النقدية والمصرفية والاقتصادية لقرار حذف صفرين من العملة السورية، قال الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم قوشجي: إنه في إطار الجهود لإعادة هيكلة النظام النقدي والمالي في سوريا، يُطرح قرار حذف صفرين من العملة الوطنية كإجراء تقني يهدف إلى تحسين الكفاءة التشغيلية، وتبسيط المعاملات، وتعزيز الثقة العامة بالعملة.

وبين أن حذف صفرين يعني تحويل 1.000.000 ليرة إلى 10.000 ليرة جديدة من دون تغيير في القيمة الحقيقية، ما يسهم في تبسيط العمليات الحسابية وتقليل الأرقام الكبيرة في التداول اليومي.

أما من الناحية النفسية، أشار قوشجي إلى أن القرار قد يعزز الثقة بالعملة الوطنية، خاصة إذا ترافق مع إصلاحات اقتصادية وإعلامية ممنهجة.

وشدد  على أن هذا الإجراء يُعد خطوة تنظيمية أكثر من كونه علاجًا اقتصاديًا، ويجب أن يُربط بإصلاحات هيكلية لضمان فعاليته.

أما عن التأثير على التضخم وحدود القرار في معالجة الأسباب الهيكلية، فنوه قوشجي أن حذف الأصفار لا يُعد أداة فعالة لمعالجة التضخم، إذ لا يمس جذوره الهيكلية مثل ضعف الإنتاج المحلي أو العجز المالي، مشيراً إلى أن استمرار التضخم مرهون بتفعيل أدوات السياسة النقدية والمالية، وضبط الإنفاق العام، وتحفيز الإنتاج المحلي.

وما يتطلب نجاح القرار، برأي قوشجي،  هو تعزيز استقلالية المصرف المركزي، وتوفير أدوات فعالة لضبط السيولة والأسعار.

والعلاقة بين الأسعار والأجور وضرورة التوازن في إعادة التسعير، يرى قوشجي أن التعديل الرقمي لا يغيّر القيمة الحقيقية للسلع أو الرواتب، لكنه يتطلب إعادة تسعير دقيقة لتفادي التشويش في السوق، وأنه يجب أن يُرافق القرار تعديل نسبي في الأجور والأسعار لضمان الحفاظ على القوة الشرائية، خاصة للطبقات الهشة.

وحذر قوشجي من ضعف الرقابة لأنه قد يفتح المجال أمام استغلال المرحلة الانتقالية، مما يُفاقم من الغلاء ويُضعف الأثر الإيجابي المرجو.

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً