الثورة – ديب علي حسن:
حين تم تفكيك الاتحاد السوفييتي قال أحد مستشاري غورباتشوف لسياسي أميركي: لقد حرمناكم من أخطر سلاح تملكونه ألا وهو وجود عدو لكم تعملون على محاربته.
وعلى ما يبدو أن قصر نظر هذا المستشار جعله لا يرى أبعد من لحظته ومن أن الأمر قد انتهى مع ما حدث.
بينما كان الثعلب الأميركي يراوغ ويعد الخطط لتدمير حتى الجمهوريات التي مضت في ركابه وعمل على زعزعة استقرارها بحجج الديمقراطية وغيرها من مصطلحات.
هذه المؤامرات فضحها كتاب: تصدير الثورة تكنولوجيا تدمير الدولة.. تأليف مجموعة من المفكرين الروس ترجمة إلى العربية المترجم المتميز عياد عيد، وصدر عن الهيئة العامة للكتاب بدمشق عام ٢٠١٥ م.
وفيه يقف الباحثون على كواليس وأسرار ما قامت به واشنطن في الجمهوريات التي تم إعلان انفصالها عن الاتحاد السوفييتي.
وحالة ما سمي الثورات الملونة التي كانت النار المدمرة وتم نقلها إلى الوطن العربي والعمل على تدمير المجتمعات العربية طبعا مع تطوير الأساليب، ولاسيما بعد انتشار الفضاء الأزرق ومشتقاته من الفيسبوك إلى آخر ما يتفتق عنه الشر الغربي.
المرحلة العربية يدرسها سامي كليب في كتابه المهم :تدمير العالم العربي وثائق الغرف السوداء..
الكتاب صدر عن دار نوفل في لبنان بطبعة محدثة.
ويشكر اتحاد الكتاب العرب في سورية ممثلا برئيسه الدكتور محمد الحوراني، إذ تم استضافة مؤلف الكتاب في ندوة مهمة في مبنى اتحاد الكتاب العرب بدمشق حضرها حشد كبير من الباحثين والمهتمين.
في الكتاب الضخم يقرأ كليب ملامح التدمير ويحلل أسبابها وأسلحتها ولأنها كثيرة جداً نشير إلى جانب منها ألا وهو الفضاء الأزرق.
يقول كليب: (إن وطننا العربي مقبل على كارثة حقيقية في مجال التقنيات والحروب السيبرانية، حيث إننا دول تستهلك الكثير من التطور التكنولوجي في العالم.
وبعض دولنا صار في طليعة دول العالم في سرعة الانترنت في المقابل لكننا لا ننتج شيئا منها، بل نخضع لمشيئة محركات التواصل الاجتماعي التي صارت تختار لنا ما يجب علينا قوله أو ما وجب علينا تجنبه والصمت بشأنه.
وحسب كليب فإن حروب المستقبل تكنولوجية ماذا سيفعل العرب؟؟
تخيل عزيزي القارئ لو لبرهة واحدة أن تصحو يوماً فتجد أن كل حساباتك المصرفية وصور ملفاتك الشخصية وكل معلوماتك الهامة والحساسية قد سرقت وقد تم تعطيل شيفراتك وكل كوداتك وأرقام السرية. ستشعر حتما بأنك أصبحت عاريا تماما بأنك ما عدت تملك شيئا وبأن كل حياتك الشخصية والمهنية وحياة مقربين منك صارت في خطر كبير.
ما عاد الأمر بحاجة إلى خيال فهذا حصل في أكثر دول العالم تقدما تكنولوجيا حيث تضاعفت الجرائم الالكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا في الأعوام الماضية بنسبة ٢٠ ألف مرة.
وهنا نسأل: إن كانت الدول المتقدمة على المستوى التكنولوجي والدول التي اخترعت كل هذه الثورات المعلوماتية معرضة للنهب الالكتروني والابتزاز فكيف ستكون صورة الوطن العربي بعد سنوات قليلة وهو الذي يشتري كل التكنولوجيا ولا يصنع منها شيئا؟؟ لنتخيل ما هو أخطر من ذلك أن نصحو يوماً فنجد مثلاً عشر من طائراتنا العربية قد سقطت فجأة، ويتبين أنه قد عملت على التحكم بها عن بعد مجموعات إرهابية تملك عقولا الكترونية جهنمية أو دولة معادية.
ماذا نفعل كعرب؟؟ لنتخيل أكثر فأكثر أن مجموعات من الناس توفيت بسبب الكهرباء أو الوباء أو تعطل أجهزة الإنعاش في المستشفيات بسبب هجوم إلكتروني أو تسميم المياه عن بعد أو لأن مقرصناً إرهابياً تفنن في تفجير شيء ما عن بعد.
هذه جميعاً ما عادت مجرد خيالات أو أوهام بل أنها أخطار قائمة وقد تتفاقم في المرحلة المقبلة، حيث يتوقع كثيرون أن تنتقل حروب العالم من حروب السلاح التقليدي أو الحديث إلى حروب الكترونية مدمرة. لن ينفعنا بعد اليوم عنترة وسيفه ولا تيارات وأحزاب وميليشيات مقاتلة بأسلحة تقليدية فغداً قد نجد أنفسنا عبيدا عند صانع التكنولوجيا والمتحكم بها أو ضحايا إرهابيين اخترقوها وحولوها باتجاه أيديولوجياتهم الخارجة من عصر الظلام.)
الكتابان متكاملان تماماً، مع أن كل واحد منهما صدر بلغة مختلفة..
الأول توثيق وتحليل سياسي واقتصادي وفكري، وجاء الثاني كتاب كليب ليكمل المشهد ولاسيما عن الوطن العربي.