الثورة – دمشق – جاك وهبه:
مع اقتراب عيد الأضحى، تشهد أسواق دمشق حركة نشطة تعكس تحضيرات المواطنين لهذه المناسبة، لكن هذا العام يبدو أن الفرح بالعيد يمتزج بقلق واضح بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الحلويات والألبسة واللحوم، ما أثر بشكل ملحوظ على القدرة الشرائية للمواطنين، ويتوجه الكثيرون إلى الأسواق فقط للنظر والاستطلاع، دون أن يتمكنوا من الشراء بكميات كبيرة كما اعتادوا سابقاً.
بدائل أرخص
يقول أبو محمد، صاحب محل حلويات في سوق الميدان: “نلاحظ انخفاضاً في عدد المشترين، فقد أصبحت الأسعار مرتفعة للغاية، والكثير من الزبائن يكتفون بالشراء بكميات قليلة مقارنة بالسنوات الماضية”.
يشارك في هذا الرأي حسن، الذي يمتلك متجراً للملابس في سوق الصالحية، قائلاً: “ليس فقط في قطاع الحلويات، بل نرى نفس الانخفاض في قطاع الملابس أيضاً، الزبائن أصبحوا أكثر حذراً في الإنفاق، ويختارون فقط الضروري، فالارتفاع الكبير في الأسعار يجعلهم يعيدون التفكير قبل الشراء”.
ويقول خالد، صاحب متجر آخر للملابس: “نحن نعتمد على مبيعات الأعياد لتعويض بعض الخسائر التي نتكبدها على مدار السنة، ولكن مع تراجع الإقبال بسبب الغلاء، نخشى من أن نعاني من تراجع إضافي في المبيعات”.
ويضيف سالم، صاحب محل لبيع الشوكولا: “لقد لاحظت أيضاً تغيراً في عادات الشراء، فأغلب الزبائن أصبحوا يشترون بكميات أقل ويحاولون البحث عن البدائل الأرخص”.
أما منى، صاحبة متجر للألعاب والهدايا، فتشير إلى تأثير الأعياد والمواسم على مبيعاتها: “كنا نعتمد على فترات الأعياد والمناسبات لزيادة المبيعات، لكن حتى هذه المناسبات لم تعد تجلب نفس الحركة، فالناس أصبحوا يفضلون الهدايا الأقل تكلفة أو حتى التخلي عن بعض التقاليد بسبب الضغوط المالية”.
التركيز على الضروريات
من جهتهم، يعبر مواطنون عن معاناتهم من هذه الزيادات، تقول أم أحمد، ربة منزل، وهي تتجول في سوق باب سريجة: “أسعار الحلويات والألبسة ارتفعت بشكل كبير، بالكاد نستطيع توفير مستلزمات العيد للأطفال، كان عيد الأضحى فرصة لشراء الملابس الجديدة والحلويات، لكن الآن أصبح الأمر صعباً جداً”.
يشاركها الرأي أبو خالد، موظف حكومي، الذي يوضح: “كنت أشتري عادة كمية كبيرة من الحلويات للضيوف، لكن هذا العام قررت شراء كمية صغيرة بسبب الغلاء، حتى أسعار اللحوم أصبحت فوق طاقة معظم الأسر”.
ويؤكد عبد الله، وهو أب لثلاثة أطفال: “نحاول قدر الإمكان توفير فرحة العيد لأطفالنا، لكن مع ارتفاع الأسعار أصبحنا نتجنب شراء الأشياء غير الضرورية، ونركز فقط على الضروريات”.
وتعبر أم جلال عن تجربتها في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات عيد الأضحى، قائلة: “هذا العام، أصبحت الأسواق مكاناً للنظر والاستطلاع أكثر من أي وقت مضى، كنت أعتاد في السنوات السابقة على شراء كل ما يلزم للاحتفال بالعيد، من الحلويات والملابس إلى اللحوم والهدايا، ولكن مع ارتفاع الأسعار الحالي، أصبحت الزيارات إلى الأسواق مجرد جولات للمعاينة والمقارنة، دون أن أكون قادرة على شراء ما أحتاجه بالكميات التي أرغب فيها”.
عوامل اقتصادية
تعود أسباب ارتفاع الأسعار، بحسب تقارير اقتصادية، إلى عدة عوامل اقتصادية، منها ارتفاع سعر الصرف، وتعتمد معظم الصناعات على مواد خام مستوردة، ما يزيد من تكلفة الإنتاج بشكل كبير، أيضاً، ساهمت زيادة تكاليف النقل والشحن في ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، وترتبط هذه التكاليف بأسعار الوقود وتكاليف اللوجستيات الدولية، والتي تأثرت باضطرابات سلسلة التوريد العالمية.
وتشير التقارير إلى أن بعض أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 20% و40% مقارنة بالعام الماضي، هذا الارتفاع في أسعار المواد الغذائية يشكل عبئاً كبيراً على الأسر السورية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، فالتضخم المستمر وانخفاض القدرة الشرائية يجعل من الصعب على العائلات تأمين احتياجاتها الأساسية من الغذاء.
أما بالنسبة لقطاع الملابس، فقد شهدت الأسعار زيادة تصل إلى 50% تقريباً، ويرجع ذلك إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام المستوردة مثل الأقمشة والخيوط، بالإضافة إلى تكاليف التصنيع والنقل، وبالتالي يؤثر هذا الارتفاع بشكل كبير على مبيعات التجار، حيث يقلل من قدرة المستهلكين على شراء الملابس الجديدة، ما يؤثر بدوره على دورة البيع والشراء في الأسواق.
خيارات صعبة
في الختام، يبدو أن عيد الأضحى هذا العام في دمشق يحمل في طياته مزيجاً من الفرح والقلق، حيث تتزامن تحضيرات المواطنين لهذه المناسبة العظيمة مع تحديات اقتصادية تضغط على قدرتهم الشرائية، فارتفاع الأسعار المستمر يضع العديد من الأسر أمام خيارات صعبة ويجعل من تقاليد العيد التي كانت مصدر فرح واحتفال تحدياً مالياً جديداً، وبينما يستمر التجار في محاولة التكيف مع هذا الوضع الصعب، يبقى الأمر معلقاً بتحسن الظروف الاقتصادية لتعود أسواق دمشق إلى
حركتها ونشاطها المعتادين في الأعياد القادمة.