الثورة – السويداء – رفيق الكفيري:
قال مدير أوقاف القنيطرة والسويداء الشيخ نجدو العلي لـ ‘الثورة” إن العيد هو حاجة نفسية واجتماعية لا تقتصر على مجتمع بعينه، فالحاجة إلى العيد تنبع من حاجة الإنسان إلى الاجتماع والمؤانسة، ويزداد فرح الإنسان وسعادته عندما يشاركه فيهما غيره من الناس، فالشعور بالفرح هو شعور تفاعلي، يزداد قوة كلما شعر الإنسان به مع غيره، وعندما تجتمع مشاعر المودّة والتّراحم بين الناس إلى جانب تلك المشاعر الروحية والاجتماعية، فإن السعادة تكون في أعظم تجلياتها.
وخلافاً لشعور بعض المتدينين الذين يجدون في أنفسهم ميلا إلى ترك الدنيا والزهد بمُتَعها، يمثل العيد جامعاً مشتركاً بين الدّين والدّنيا، فهو يعطي للمؤمن توازنه النفسي من خلال تعميق الإحساس بالآخر وبالفرح والرغبة في الحياة.
ولفت إلى أن الأعياد تأتي بعد عبادات كُبرى، والعيد كلمةٌ رقيقة عذبة تملأ النفس أنساً وبهجة، وتملأ القلب صفاء ونشوة، وتملأ الوجه نضارة وفرحة، كلمةٌ تذكّر الوحيد بأسرته، والمريض بصحته، والفقير بحاجته، والضعيف بقوته، والبعيد ببلده وعشيرته، واليتيم بأبيه، والمسكين بأقدس ضرورات الحياة، وتذكر كل هؤلاء بالله عزوجل.. فهو سبحانه أقوى من كل قوي، إن الله قوي عزيز وأغنى من كل غني وأعزّ من كل عزيز، والأعياد في شريعتنا ليست انطلاقاً وراء الشهوات، وليست سباقاً إلى النزّوات، وليست انتهاكاً للمحرّمات، أو سطواً على الحدود أو الحُرمات.. العيد مدرسة نتعلّم منها أن نشكرَ فضل الله ونعمه الكثيرة علينا في السّراء والضّراء، والفرحة في العيد لا تتم إلا ببذل الأنفس للصدقات، وإدخال السرور على قلوب الآخرين، والإحسان إلى النّاس.
وأكد الشيخ العلي أن الفرحة في العيد لا تكون إلا بمسحٍ على رأس يتيمٍ ذي مَقربة، أو لقمةٍ في فمِ مسكينٍ ذي مَتربة، أو تَنفيسٍ عن مكروب، أو السّداد عن غارمٍ مديون، أو إنصافٌ لمظلوم، أو مداواة مكلوم، وما أحلاها وما أعظمها إن اجتمعت فيك كلّ تلك الفضائل، العيد مدرسةٌ تعلّمنا أن لا نتشاحن ولا نتباغض، مصداق الحديث الشريف: {لا تناجشوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً}.
وأضاف: العيد مدرسةٌ تعلمنا أنّ الإيمان وسروره وحلاوته، كلّ ذلك وتقصيرنا بذلك قد يُجبَر بنزع غصن شوكٍ وإماطة الأذى من طريق النّاس، أو سقايةِ حيوان عطِش، أو زرع شجرةٍ، فهذا من مراتب الإيمان كما أخبر الحديث الشّريف: {بينما رجلٌ يسير إذ وجد غصن شَوكٍ إذ نحّاه عن طريق النّاس فغفر الله له وأدخله الجنّة}.. وقال: {في كل كبدٍ رطبةٍ أجر}، والعيد مدرسةٌ تعلّمنا أن الفرحة في قلوبنا لا يمكن أن تتم إلا إذا نقلناها إلى قلوب جوارنا والمؤمنين من النّاس من حولنا، كما أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه} وأسعدُ النّاس من أسعدَ النّاس.
ونوه مدير الأوقاف بأن عيدنا الحقيقي بوحدتنا ومحبتنا وتعاضدنا وتكاتفنا، عيدنا الحقيقي يوم أن يتعافى وطننا من دنس الغدر والخيانة وتآمر الأعداء ويزول البلاء ويتحقق الأمن والسّلام..