إحياء خط كركوك–بانياس.. خطوة استراتيجية نحو تكامل طاقي إقليمي 

الثورة – نيفين أحمد:

يشهد الملف الطاقي في المشرق العربي تطوراً لافتاً مع عودة الحديث عن مشروع إعادة تشغيل خط أنابيب النفط الواصل بين حقول كركوك العراقية وميناء بانياس السوري بعد أكثر من أربعة عقود على توقفه. هذا الخط الذي أُنشئ عام 1952 بطاقة تقارب 300 ألف برميل يومياً شكّل لعقود شرياناً حيوياً لتصدير النفط العراقي عبر البحر المتوسط قبل أن يتوقف لأسباب مرتبطة بالظروف الإقليمية آنذاك.

خلال الأشهر الأخيرة برزت مؤشرات واضحة على إرادة سياسية جديدة في دمشق وبغداد لدفع المشروع نحو التنفيذ، تُوجت باجتماع رفيع المستوى بين وزيري النفط في البلدين في أغسطس 2025، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية مشتركة لوضع رؤية شاملة لإحياء الخط أو إنشاء بديل حديث. ويأتي هذا التوجه في إطار استراتيجية العراق لتنويع منافذ تصدير نفطه وسعي سوريا لتعزيز أمنها الطاقي ودورها كمحطة رئيسية في تجارة النفط الإقليمية.

مكاسب متبادلة ورؤية مشتركة

بالنسبة للعراق فإن المنفذ السوري يمنحه بديلاً استراتيجياً عن خط كركوك–جيهان عبر تركيا ويوفر له وصولاً مباشراً إلى المتوسط ما يعزز مرونته التصديرية ومكانته التفاوضية في الأسواق العالمية. أما سوريا فستستفيد من إمدادات مستقرة من الخام ما يتيح إعادة تشغيل المصافي بكامل طاقتها، ويعزز إنتاج الكهرباء ويحفز الصناعة الوطنية.

كما أن المشروع يحمل بعداً جيوسياسياً مهماً إذ يعيد تموضع سوريا على خريطة الطاقة كممر إقليمي أساسي ويوفر لها أفقاً أوسع للتعاون الاقتصادي مع دول الجوارفي إطار بيئة إقليمية تتجه نحو تكامل المصالح.

الطريق نحو التنفيذ

رغم أن إعادة تأهيل الخط تتطلب استثمارات كبيرة قد تصل إلى عدة مليارات من الدولارات، فإن المؤشرات الإيجابية للتعاون الثنائي واهتمام شركاء دوليين وإقليميين يفتحان المجال أمام حلول تمويلية مبتكرة، سواء عبر شراكات استثمارية أو اتفاقيات طويلة الأمد لتزويد النفط.

كما أن التوجه الحكومي السوري الجديد نحو تحسين بيئة الاستثمار وتطوير البنية التحتية يمثل عاملاً مساعداً لجذب رؤوس الأموال إلى جانب الدعم الفني الذي يمكن أن توفره دول صديقة ذات خبرة في قطاع الطاقة.

انعكاسات اقتصادية وتنموية

نجاح المشروع سيفتح الباب أمام إطلاق مشاريع موازية في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والصناعات البتروكيماوية ما يخلق فرص عمل ويعزز الناتج المحلي. كما أنه سيسهم في ربط السوق السورية بالأسواق الإقليمية، ويدعم جهود إعادة الإعمار على أسس اقتصادية مستدامة.

إحياء خط كركوك–بانياس ليس مجرد مشروع نفطي، بل هو عنوان لمرحلة جديدة من التعاون الإقليمي، ورهان على تكامل اقتصادي يعيد رسم خريطة الطاقة في المشرق. ومع توفر الإرادة السياسية، والدعم الفني، والحلول التمويلية المناسبة، يمكن لهذا المشروع أن يتحول إلى نموذج للتعاون العربي–العربي، يعزز استقرار المنطقة وازدهارها.

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً