الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
تبنّى مصرف سوية المركزي وجهة النظر الاقتصادية الحديثة القائلة بأن احصاءات الحسابات القومية الموثوق بها تعتبر شرط لا غنى عنه لإجراء تقييم دقيق للحالة الاقتصادية وإجراء التحليلات السليمة، إلى جانب وضع السياسات المناسبة من قبل السلطات المحلية المختصة والتي تساعد على رفع مستويات المعيشة وبناء المرونة الاقتصادية.
ولكنه عاد وتطرّق إلى سلبيات الاعتماد عليها لجهة أن هذه الإحصاءات تخضع لأوجه قصور خطيرة في كثير من البلدان تتجلى أحيانا في معدلات نمو مبالغ فيها، بالنظر إلى أن البيانات الرسمية في بعض الحالات لا تكون كافية للمراقبة، ولذلك يقوم المحللون بتجميع تقديرات بديلة لنمو الناتج المحلي الإجمالي عن طريق الرجوع إلى مصادر البيانات المتنوعة -الداخلية منها والخارجية- وتطبيق أساليب التنبؤ المختلفة.
الحالة المحليّة
المركزي وفي دراسة له حول “إعادة تقييم نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان التي تعاني من أوجه قصور إحصائية” اعتبر بالنسبة للحالة المحلية في سورية أن الواقع الاقتصادي السوري الحالي وما فرضته الأزمات العالمية من ظروف غير مواتية، أثر بشكل مباشر وغير مباشر -بدون شك- على المعطيات الاقتصادية الإجمالية في سورية ومدى توافرها، الأمر الذي استدعى مضاعفة الجهود لجمع البيانات وتدقيقها، ناهيك عن تقدير الناتج المحلي الإجمالي بصورة أوضح، وصولا إلى تقييم دقيق لكافة الحسابات ووضع السياسات الاقتصادية المستقبلية.
مصادر البيانات
ووفقاً للمركزي في دراسته فإن اعتماد نهج يشمل مصادر بيانات خارجية إضافة للمصادر الرسمية قد يكون له أثر كبير في تكليل الجهود المبذولة بالنجاح، ولكن وعلى الرغم من شح البيانات الموجودة إلا أن الإمكانيات والكوادر البشرية المتوافرة تسعى لتعويض ما امكن من نقص البيانات، وصولاً إلى قواعد بيانات موائمة مع الإحصاءات والمقترحات العالمية.
تقييم نمو الناتج المحلي
وبحسب المركزي في دراسته فإن ورقة أعدت لصالح صندوق النقد الدولي قامت بإعادة تقييم نمو الناتج المحلي الاجمالي، مقترحة لتقديره نهجا شاملا من القاعدة إلى القمة، مبيناً أن إعادة التقييم تعتمد على تجميع الناتج المحلي الإجمالي بناء على طريقة الاتفاق مع بيانات مصادر محددة، مبيناً أن صياغة النموذج يشتمل على مرحلتين اثنتين:
الأولى تحديد مصادر جمع البيانات، حيث يتم جمع البيانات المتاحة من مصادر خارجية كقاعدة بيانات تجارة السلع التابعة للأمم المتحدة، وكذلك توقعات المنظمات الدولية بشأن الإنتاج الزراعي والصناعي وغيرها، إلى جانب البيانات الرسمية المتاحة.
أما الطريقة الثانية فتقوم على تقدير مكونات الناتج المحلي الإجمالي من المصادر البديلة أو طرق التقدير الأخرى.
نموذج تجريبي
ووفقاً لما أورد المركزي فقد طبقت الورقة دراسة حالة افرادية على إحدى الدول (وهي تركمانستان) وربطت وفق النموذج التغيرات الحجمية في المدخلات المستوردة بنمو الناتج في القطاعات ذات الصلة، إلى جانب اتباعها العديد من عمليات التحقق من المتانة لاختبار موثوقية النتائج، بهدف زيادة التصدي للتحديات المتمثلة في تقدير عوامل الانكماش، عن طريق تحديد تطورات الأسعار بما فيها أسعار الصرف في كل من الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي (المقصود هنا اقتصاد الظل أي الاقتصاد غير المنظّم وغير المثقل بتكاليف ضريبية).
علاقة الواردات بالقطاعات الحيوية
المركزي بنى على ذلك بأن ما خلصت إليه الورقة هو إمكانية تقدير الناتج المحلي الإجمالي بدرجة مقبولة من الثقة، وذلك باستخدام مجموعة واسعة من المؤشرات، وباستخدام نموذج لجميع البيانات لسنوات متتالية يمكن فيها بناء العلاقة بين الواردات والقطاعات الحيوية للاقتصاد، بالإضافة إلى وجود أهمية بارزة لدور بيانات المصادر الخارجية جنبا إلى جنب مع البيانات الرسمية، الأمر الذي يساعد على استكمال الإحصاءات وتيسير مواءمة المنهجيات الإحصائية المحلية مع أفضل الممارسات الدولية.