خبير لـ”الثورة”: نمتلك أهم المرتكزات لاقتصاد قوي ولكن أهم موارده المادية والبشرية غير مستغلة بالمستوى اللازم
الثورة – دمشق – وعد ديب:
بات معروفاً بأن الاقتصاد السوري يعاني من آثار الحرب الإرهابية و الحصار والعقوبات على مختلف الأصعدة، بما فيها القطاعات الاقتصادية والمعيشية والمالية والنقدية، وضمن هذا الإطار اشتدت وطأة القوى المعادية على سرقة واستنزاف ثرواتنا ومواردنا الطبيعية التي تقع تحت سيطرة هذه القوى بحجج عديدة، ومن أهمها الضغط على بلدنا، الأمر الذي أضعف حجم الاقتصاد وقلص من مساحة السوق الداخلية، مما تسبب بتراجع الحضور في الأسواق الخارجية.
تحديات كبيرة
عن واقع الاقتصاد المحلي والنموذج الأنسب للنهوض به
قال لـ”الثورة”الدكتور والخبير الاقتصادي عابد فضلية: أن الاقتصاد المحلي عانى وما زال يعاني من تحديات كبيرة، فعلى الرغم من محاولات الحكومة إعادة لملمة عوامل وعناصر الإنتاج المتبعثرة إلا أن جملة العوامل السابقة أدت إلى شل إمكانية إعادة جمع ولم شمل عناصر أو عوامل الإنتاج الأربعة المتمثلة في (قوة العمل/ الموارد الطبيعية/ رأس المال/ الإدارة والتنظيم والاستحداث) ..
وتطرق الخبير الاقتصادي إلى تخريب وسرقة وسائل الإنتاج، منوهاً إلى أنه وعدا عن حجب وسرقة أهم الثروات والموارد الطبيعية، فقد استمرت العديد من الدول المحتلة و المعادية في تصعيب أو منع عودة و لم شمل الموارد البشرية، التي هي العنصر الأهم من بين عناصر الإنتاج .
وعليه وبالمحصلة -والكلام للخبير الاقتصادي فقد عانى الاقتصاد وما زال يعاني من تحديات كبيرة أدت إلى تراجع الإنتاج وارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض مستوى الدخل وضعف الطلب وضآلة في التصدير، الأمر الذي انعكس أيضاُ بانخفاض إنتاج القمح والقطن والشوندر والشعير والذرة التي هي الغذاء للبشر، ومدخلات صناعة السكر وعلف للثروة الحيوانية، عدا عن قلة السماد الذي هو من أهم مستلزمات الإنتاج الزراعي النباتي.
متابعاً حيث إن تراجع الزراعة بشقيها النباتي والحيواني أدى وسيؤدي حتماً إلى تراجع الصناعات التحويلية، وتراجع هذين القطاعين يعني بالوقت ذاته تراجع بقية القطاعات الأخرى المادية والخدمية..
ضعف الإدارة
و- بحسب فضلية – وفي هذا الإطار لم تكن مساحة الحديث لتسمح بأهم عامل من عوامل عدم تطوير وتحسين الاقتصاد السوري ورفع المستوى المعيشي، ألا وهو عامل سوء الإدارة الحكومية للاقتصاد وضعف في استغلال الموارد القليلة المتاحة، أو عرج بعض التشريعات والقرارات والإجراءات الحكومية التي لم تأخذ بالقدر اللازم الظرف العسكري والسياسي والاقتصادي والواقع الاجتماعي لا حاليا، ولا طوال فترة الحرب، ولا حتى ما هو متوقع خلال الفترة القادمة، القصيرة ومتوسطة الأجل..
موارد غير مستغلة
ورداً على سؤال “الثورة”عن المرتكزات التي يجب أن يبنى عليها الاقتصاد السوري ليصبح اقتصاداً نموذجياً؟..
قال فضلية: لا يوجد في العالم اقتصاد نموذجي، بل يمكن أن تطلق صفة النموذجية على الاقتصاد الذي يستغل طاقاته وإمكاناته المادية والبشرية المتاحة والمتوفرة استغلالاً أمثلاً دون هدر أو إهمال و تعطيل أي جزء منها، وبناءً على ذلك يمكن القول: بأن الاقتصاد المحلي لا يحقق شروط النموذجية ويتعاكس معها، لأن أهم موارده المادية والبشرية غير مستغلة بالمستوى اللازمة.
وعلى سبيل المثال توجد قرى تعاني من توفير المياه للشرب وأراض زراعية غير مسقية على الساحل يجاورها نهر أو ساقية تصب مياهها في البحر على بعد مئات الأمتار، ونستورد السكر في الوقت الذي نمتلك فيه عدة معامل لإنتاج السكر وأراض زراعية صالحة لإنتاج الشوندر السكري، ونستورد السماد بينما تصنف سورية من بين أكثر الدول في العالم التي لديها مخزون من الفوسفات، ونستورد الكثير من مكونات الأعلاف في الوقت الذي لدينا فيه البنية الزراعية المناسبة لإنتاج معظم هذه المكونات .
ولفت إلى أنه يتم استيراد الجرارات الزراعية، بعد أن كان لدينا مصنع لإنتاجها بنوعيات وكفاءة جيدة، و ينقصنا القمح والقطن بعد أن كانت سورية من كبار مصدري هاتين المادتين الاستراتيجيتين، وبالتالي فإن سورية تمتلك أهم المرتكزات لاقتصاد قوي، بينما يوجد ضعف غير مبرر في بعض مفاصل هذا الاقتصاد؛ والسبب سوء إدارة الموارد.
لكل دولة خصوصية
وعن النموذج الاقتصادي العالمي الذي يجب أن نحتذي به للنهوض بالاقتصاد؟.
والكلام -أيضا”- للخبيرالاقتصادي – فهو النموذج الوطني السوري، لأن لا نموذج في أي دولة في العالم يمكن أن تحتذي به دولة أخرى بشكل مشابه ومتكامل، حيث إن لكل دولة خصوصية نسبية في طبيعة مواردها المادية وخصوصية مطلقة في نوعية ومستوى كفاءة وتأهيل ووعي وتنوع والتزام وثقافة مواردها البشرية، ومن هنا لا توجد نماذج يحتذى بها بل توجد تجارب لدول مشابهة، وغير مشابهة يمكن الاستفادة منها في حدود الشروط الوطنية على أرض الواقع.