الثورة – ديب علي حسن:
منذ أسبوع كتبت تحت عنوان “زامر الحي يطرب ويجب أن يطرب” تعليقاً على استضافة جامعة دمشق باحث سبقه فيما يطرحه مؤرخ سوري كبير هو أحمد يوسف داوود.
واليوم أعادني إلى استكمال الفكرة ما سمعته من باب المصادفة، إذ قررت بعد مقاطعة التلفاز لفترة طويلة طبعاً في المكتب أن أتابع بعض الأخبار ريثما تعود الشبكة التي تحجب حتى لا يضيع أحفاد أينشتاين.
لم تعمل معظم المحطات الفرانس ٢٤ كانت الملاذ الوحيد.. بعد وجبة السم في عسل الأخبار استضافت باحثاً مصرياً، كما قدمته، كتب منذ أيام مقالاً في موقع ما.
سنعود إلى الحوار.. لكن بعد الإشارة إلى أن العرب القدماء كانوا يقولون قد يقع الحافر على الحافر من باب المصادفة.. وهذا في الشعر أكثر ما يكون.
أما في الأبحاث فيمكن الحديث عما قاله أحدهم حين أهدي نسخة من العقد الفريد فور تأليفه: هذه بضاعتنا ردت إلينا.. إشارة إلى أنه تقليد لكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني.
وأعود إلى حوار الفرانس ٢٤ مع الباحث المصري كما قالت.. إذ تحدث عن المرأة عندما كانت إلهة في الأسطورة وكيف تم الانقلاب عليها..
تحدث وقدم معلومات كثيرة وفسر الانقلاب الذي جرى على الأنثى في هذا المنحى.
الحقيقة أن ما جاء به ليس من عبقريته وليس من كشفه هو.
إنما اتكأ تماماً.. بل أخذ كل ما نشره الباحث السوري محمد وحيد خياطة في مجلة المعرفة عام ١٩٨٣ وفي بحث مطول كان تحت عنوان: عندما المرأة إلهة.. العدد٢٥٩ أيلول ١٩٨٣م وكان رئيس تحريرها حينذاك الشاعر الراحل محمد عمران.
البحث يأخذ البحث مساحة واسعة من العدد وهو متميز بما يقدمه من القراءات والدلالات،
وبعد هذا يأتي من ينسب الفكرة لنفسه ويدعي أنه يقدم قراءات جديدة؟
ولا بأس أن أذكر أنني حين عملت على كتاب المرأة الصهيونية تاريخ أسود وكرامة مفقودة، كان ذلك نهايات ثمانينات القرن الماضي، استمر العمل أكثر من ٤ سنوات بجمع وتصنيف المادة التي شكلت الكتاب.. وقد أتيح لي ذلك لأني كنت محرراً في مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية، في حكم العمل هذا جاءت الفكرة وتوفرت المعطيات.
حين أنجزت الكتاب بحثت عن دار نشر.. الكل رحب به على شرط البيع القطعي وبمبلغ (٥٠٠٠) ليرة نعم خمسة آلاف..
كان لابد أن أرضى حتى يصدر.. تبنته دار نشر سورية معروفة بـ(٧٠٠٠) على دفعتين تدفع.. بعد سنتين صدر بعد أن باعته لدار نشر لبنانية مشهورة، توالت طباعته أكثر من ٧ مرات..
وكان الكتاب الأول في اللغة العربية الذي يناقش هذا الموضوع بعد ذلك تسابقت دور نشر كثيرة لتكليف من يعد مثل هذا الكتاب وعلى خطاه والاستناد على ما فيه دون الإشارة إليه.
مما لاشك فيه أن مجال البحث في أي موضوع ليس حكرا على أحد.. بل يجب أن يعمل عليه الكثيرون.
لكن الأمانة العلمية تقتضي بالحد الأدنى الإشارة إلى الاستفادة من هذا البحث أو ذاك أو التنويه إليه.
هل يسمعون أن الكثير من الجامعات سحبت ألقاب الدكتوراه من باحثين لأنها اكتشفت أنهم لم يكونوا دقيقين.. أو أنهم استفادوا من أفكار لم يعلنوا عن مصادرها.
تحية إلى الباحثين السوريين وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور أحمد داوود فهو الرائد في إعادة قراءة تاريخنا العربي برؤية جديدة.
وأظن أن الوقت قد حان تماما لتبني مشروعه هذا من قبل مؤسسات فاعلة.