الخبير في شؤون الإعاقة د.السعد لـ”الثورة”: المرسوم 19 وضع حجر الأساس لبناء مجتمع دامج يضمن المساواة والعدل
الثورة – دمشق – منال السماك:
يعكس المرسوم 19 لعام 2024 نقلة نوعية في التعامل مع موضوع حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، كما يسلط الضوء على تعاريف ومصطلحات جديدة، وانتقل بمفهوم الإعاقة إلى رؤية معاصرة تتعلق ببيئة معيقة تعرقل مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة بالحياة العامة، فجعل المرسوم من أهم أهدافه خلق بيئة مناسبة ميسرة غير معيقة، كما عزز المرسوم مفاهيم جديدة للعمل على تطبيقها بهدف الوصول إلى مجتمع دامج، وضمان مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة بصورة طبيعية وتحقيق الحياة الكريمة لهم .
مفهوم جديد للإعاقة
للحديث عن المرسوم 19 الخاص بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، التقت “الثورة” بالدكتور أسعد السعد- الخبير في شؤون الإعاقة، والذي لفت في بداية حديثه إلى حدوث تغيير جوهري وجذري في مفهوم الإعاقة على المستوى العالمي خلال العقدين الأخيرين، وقد توج هذا التغيير بالاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فبعد أن كان ينظر إلى الإعاقة على أنها مشكلة صحية في الشخص وتتطلب التدخل عليه، أصبح الآن ينظر للإعاقة على أنها تنتج عند التفاعل بين الشخص الذي لديه حالة صحية، مع العراقيل في البيئة المحيطة، وذلك عندما يحاول المشاركة الاجتماعية أسوة بالآخرين، وبالتالي لابد من التدخل لإزالة هذه العراقيل، سواء كانت مادية بالبيئة المحيطة، أم ثقافية بالمجتمع المحيط.
نحو بيئة تتوفر فيها الحماية
وانطلاقاً من حاجة الأشخاص ذوي الإعاقة لبيئة أكثر ملاءمة ومساواة، تتوافر فيها الحماية المناسبة لهؤلاء الأشخاص، أشار د.السعد إلى أهداف المرسوم إلى أنها محددة بالمادة الثانية منه، ويمكن تلخيصها بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان الدمج الشامل في المجتمع، وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار بكافة الشؤون التي تؤثر على مختلف جوانب حياتهم، بهدف توفير الحياة الكريمة لهم.
ولفت إلى أهمية صدور المرسوم 19 بالفترة الحالية، خاصة بعد تزايد أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بسبب الحرب الإرهابية التي شنت على سورية، وبروز الحاجة لضمان حقوقهم، إضافة لأهميته بسبب التزام سورية بالاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي كانت قد صادقت عليها سورية منذ العام 2009.
حقوق معلنة والتزامات
وأكد د.السعد أن المرسوم برمته جديد وعصري، بدءاً من التعاريف (ولاسيما تعريف الشخص ذي الإعاقة والترتيبات التيسيرية المعقولة والتمييز على أساس الإعاقة)، مروراً بالحقوق المعلنة بمختلف مجالات الحياة، والمتوجة بحق المشاركة في الحياة السياسية والحياة العامة، والالتزامات الواجبة على مختلف الجهات لتنفيذ هذه الحقوق، وصولاً لتشكيل المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يتبنى النهج التشاركي بين القطاع الحكومي والقطاع غير الحكومي، المتمثل بالخبراء والجمعيات والأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم.
مسؤولية مشتركة
ولإحداث التغيير الإيجابي باتجاه تبني النهج القائم على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بين أن المسؤولية تقع على الجميع، بدءاً من الجهات العامة (وعلى رأسها وزارة الإعلام) والقطاع الأهلي (خاصة الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بمسألة الإعاقة)، علاوة على الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم أصحاب المصلحة الأساسيين.
وأضاف أنه يجب تناول مسألة التوعية المجتمعية، من زاوية أنها تخص توعية المجتمع بتبني مفهوم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك للوصول إلى مجتمع يعمل الجميع فيه (أشخاص ذوي إعاقة وأشخاص بدون إعاقة معاً)، من أجل مجتمع دامج تتحقق فيه حقوق الجميع على قدم المساواة ودون تمييز، فالتوعية لا تخص الأشخاص ذوي الإعاقة دون غيرهم.
متنام ومفتوح الآفاق
وختم الدكتور السعد حديثه بالقول: بصدور المرسوم 19 تم وضع حجر الأساس لبناء مجتمع دامج، وتنفيذه على أرض الواقع ليست عملية آنية أو محددة بوقت أو زمن، بل هي عملية مفتوحة الآفاق ومتنامية ودائمة، إذ إنه يتناول مسألة اجتماعية وديناميكية، وهذا سيتجلى مع الوقت، وبتضافر جهود جميع أبناء المجتمع لينعم أبناؤه جميعا وعلى الأخص الأشخاص ذوي الإعاقة بحياة أكثر جودة وعدلاً.