أشتات لغوية

الملحق الثقافي- علي حبيب:
يقدم الباحث الدكتور محمد ياسر شريف الكثير من القضايا اللغوية والتراثية ويعمل على حل الكثير من ألغازها، نقدم بعضًا من هذه الأشتات الترادف في اللغة العربية: مسألة «الترادف» ماتزال إشكالية معقّدة بين اللغويين المشتغلين بالعربية منذ قرون متعدّدة، واختلفت آراؤهم في النظر إليها، من حيث تعريفها وتفسيرها، وإقرار جواز وقوعها أو إنكاره وما ترتب عليها.
وقد لفت باحثون مقارنون إلى أنّ الذين قالوا بالترادف رأوه «فضيلة» للعربية تفخر على غيرها به، ودليلاً على سعتها وغِناها وثراء مفرداتها في الإبانة والتعبير؛ بينما عدّه آخرون «مثلبة» في العربية ومجالاً للطعن فيها، واتهموها بالإسراف في بعض المفردات دون بعض، وغمزوها بإفراط لا ضرورة له، حتى ذهب بعضهم لوصفها بأنها «لغة مائعة» لا تعرف تحديد الألفاظ ولا الصفات، ورأى دارسون آخرون أنّ ظاهرة الترادف تنافي «حكمة الوضع» في اللغات الإنسانية المرموقة، فشدّدوا النكير عليها، وعدّها بعضهم أمراً غير طبيعي يدعو إلى الشكّ والارتياب، ووجدّها آخرون دليلاً على «بدائية» هذه اللغة، أو دليلاً على كونها خليطاً غير منظّم لمجموعات لغوية ولهجية، وقد زاد على ذلك كلّه أنّ الدراسات التخصصية قليلة جداً في ذلك، ولاسيّما بعد اشتغال أكثرية الدارسين بالتسابق إلى جمع الألفاظ المترادفة وتصنيفها، بعد أن غلب عليهم القول بجواز وقوعها دون استقصاء ولا معرفة حقائق : بحثاً عن فراهيدي عن كتابه هذا يقول تحدثتُ عن نشاط البصريين اللغوي وبعض الأعلام الذين أتت الأخبار بذكرهم، وما اتصل بـ«الخليل بن أحمد» الملقّب بـ«الفراهيدي»، وأوردت ما لحق بهذا من خلاف وشكوك محتملة، إضافة إلى ما لحق بتعيين الأصل وتاريخ الولادة وغيرها، من خلال ترجمته في كتب المعنيين باللغة العربية، وعرضتُ لأساتذة الخليل وتلاميذه ووفاته الغريبة، موضحاً ما تناقلته المصنّفات من حكايات وأخبار شابها التخبّط والظنون حتى التناقضات، وإذ قدّمتُ «الأخبار المتضاربة» عن موت خليل ـ على غير عادة الذين ترجموا أو حكوا عنه ـ أوردت الصياغات وناقشت محتوياتها، وأشرتُ لغير قليل من قضايا اللغة وقواعدها التي قيل إنها كانت موضوعات بحث آنذاك، امتدّ من حروف اللغة إلى عيوب الضبط المنهجي، ووقفتُ بالحديث عن «معجم العين» والمعطى اللّغوي والفاعليات السلوكية، اعتماداً على الأخبار والمنهج المقـارن، وقدّمتُ نصوص الإخباريين واللغويين المتناقضة حول نسبة المعجم إلى خليل أو غيره، فأظهرت أنّ الغالبية الراجحة تجعل جهده ـ في أحسن الأحوال ـ مقتصراً على فكرة تصنيفه، مع ملاحظة وجود الاضطراب في إيراد المواد اللغوية، ومواضع كثيرة تصرّح بالحكاية عن غيره بتسمية أشخاص أو إطلاق صفات.
كما بحثت مسألة إحصاء «الأوزان في الشعر» المنسوبة للفراهيدي، ومضمون الجهد العروضي، وما أدخله اللاحقون والمعاصرون في هذه الـمجـالات، ولفتُّ النظر إلى ما في حديث القدماء عن جهده من سطحية، عـزّزها ميلٌ إلى الاقتضاب الشديد والتعميم وعدم الوضوح، في حديثهم عن تصنيف أوزان الشعر أيضاً، مع تصريحهم بأنه كان ينظم شعراً على «غير الأوزان» التي أحصاها ونسبها إلى العرب، وعرضتُ اثنتين من الطرق الحديثة التي تجاوزتْ عمل خليل وأقرانـه في أوزان الشعر، واستوعبتْ ما عجز عنه بعض الأسلاف من فهم آلية نظمه، وما اتصل بالصياغات اللغوية المستخدمة لأداء المعاني بدلالات أكثر عمقاً وأسهل تعبيراً، المعاجم الأوروبية وبداية التعريب: عرف اليونانيون ـ الذين يعدّون آباء المعاجم الأوروبية ـ تأليفَ كتب شرح معاني الألفاظ، مرتبة حسب حروف كتابتها في القرن الثالث قبل الميلاد، وأحد أشهر هذه المعاجم وضعه «أرسطوڤانيس» البيزنطي (ت: ١٨٠ق.م) الذي كان «أمين» مكتبة الإسكندرية، وعمد «بامقليوس» السكندري (ت: ٦م) إلى جمع عدد من المعاجم التي كانت بين يديه في معجم واحد، بعد تنقيحها وتصحيحها، ويتصل بهذا مغادرة عدد من المفكرين والمصنّفين آسيا الصغرى بعد إغلاق الإمبراطور «فلافيوس زينون أغسطس» واحداً من أهمّ موائلهم اللغوية والفلسفية المعروفـة باسم «مدرسة أوديسا» والتضييق عليهم، إذ قصدوا عام (٤٨٩م) مدينة «نصيبين» القديمة، وأسّسوا مقراً جديداً لمدرستهم، التي كان منتسبوها يتداولون الكتب الأدبية والفلسفية، منذ مئات السنين قبل ذلك.
كما اضطرّ مفكرون آخرون لمغادرة «أثنيا» باتجاه ما كان يُعرف ببلاد الفُرس والعرب، بعد إصدار الإمبراطور «فلافيوس جوستنيان» أمره بإغلاق «أكاديمية» الفلاسفة الأفلاطونيين عام (٥٢٩م). وقد أوضحت في كتابي «بداية القراءة العربية» أنّ تعريب دواوين الشام والعراق تـمّ في أواخر حكم عبد الملك (ت: ٨٦هـ ٧٠٥م)، أمّا تعريب دواوين مصر فتـمّ في خلافـة ابنه الوليـد (ت: ٩٦هـ٧١٥م) وكان تعـريـب دواوين خـراسان في أواخـر عصر الدولـة الأمويـة، ولاسيما في أثناء ولاية «نصر بن سجاد» عليها حوالي السنة (١٢٤هـ ٧٤٤م)، وكان ذلك التعريب ـ بصفة عامّـة ـ في بدايتـه يعني نقـل الكلمات السريانية والفارسـية واليونانـية (الرومية) إلى العربيـة.

العدد 1200– 6-8-2024

آخر الأخبار
الخارجية ترحب بمبادرة قطر: خطوة حاسمة لتلبية الاحتياجات الملحة للطاقة في سوريا الدكتور الشرع: تفعيل اختصاصات الصحة العامة والنظم الصحية للارتقاء بالقطاع وصول الغاز الطبيعي إلى محطة دير علي.. الوزير شقروق: المبادرة القطرية ستزيد ساعات التغذية الكهربائية مرحلة جديدة تقوم على القانون والمؤسسات.. الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري ويشكل مجلساً للأمن القو... الرئيس الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري تاريخ جديد لسوريا وفاتحة خير للشعب غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا