الملحق الثقافي- رولا محمد السيد:
تلعب الروايات في عالم الأدب والتأليف دوراً حيوياً في استكشاف عوالم الخيال والواقع والتعبير عن تجارب الحياة.
وتمتاز الروايات بتنوعها الشاسع نظراً لأهمية تسليطها الضوء على هذا العالم المتنوع والغني، ويعد تصنيف الروايات أمراً بالغ الأهمية لفهم عميق للأنواع المختلفة من الروايات وخصائصها، ويساعد في تحليل المحتوى والهياكل السردية والموضوعات التي تتناولها، وتقدم لنا أداة قيمة لفهم هذا التنوع.
الرواية بنوعها المتطوّر، تعدُّ كائناً انطولوجياً، فإنَّ هذا الكائن هو فضاء إشكالي، فضاء لا يمكن حسمه، بين أن يكون أولا يكون، إنَّ هذا اللاحسم، يضعنا بين الحقيقة واللاحقيقة.
من هنا تأتي رواية (ساحة مريم)، من تأليف الأديبة والشاعرة أنيسة عبود، وتقع في 479 صفحة من القطع الكبير، والصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب، لترسم لنا الروائية أنيسة عبود الإنسانة في روايتها التي لنا بخطوط مُنقطة وحروف متحركة وساكنة ملمحاً مهماً عن ذاتها في أدبها الملتزم بقضايا إنسانيتها، والحائزة عدة جوائز، والتي امتازت بقدرتها الفائقة على تطويع الرؤى الفنية والفكرية، واللغة التي تجري بين يديها وكأنها نبع حُبٍّ رقراقٍ، كالروح لا يفسد ولا يتجزأ ولا يتلاشى.
يُدركُ بالبديهة الوعي الاعتباري للروائية أنيسة عبود، الذي ما انفكّت تقدمُ توظيفاً خاصّاً لثقافة الإنسان السوري ببُعدها المُقاوم بالفِطرة، والرافض للغطرسة على أنواعها الاجتماعيّة والوجوديّة والسلطويّة.
أنيسة عبود شاعرة وأديبة وروائية سورية (من مواليد 1957) عضو اتحاد الكتاب العرب، وباحثة في العلوم الزراعية وقد عملت في الصحافة السورية والعربية منذ بداية طريقها الأدبي، وهي تكتب الشعر والقصة القصيرة والرواية والمقالات الصحفية في الصحف السورية والعربية.
على غلاف روايتها هذه نقرأ:
– حوّلتنا الحرب إلى (حكواتية) الحكاية لا تنتهي… وكلما انتهت نضيف لها اسماً جديداً ووجعاً مريعاً، حتى تستمر كرة الأيام بالدوران… نحذف منها، نستبدلها، لكن الوجع هو الوجع طالما نحن باقون في الحكاية.
والحكاية تقول: إن حسن أحب فتاة مسيحية اسمها شام، وكانا سيخلّفان ولداً مسلماً ومسيحياً معاً… وتقول الحكاية… و… ظلان نحن… واحد في الرمل وواحد في الماء… اثنان نحن واحد شبع موتاً، وآخر يبحث عن الموت.
كيف أجمع الظلين معاً؟ لألاقي ذاك الفتى الذي اغتسل بأنين العاصي، وتوضأ بأبجدية أوغاريت، لبس قميص الياسمين الدمشقي، ورشّ براري اللاذقية على شعره. فمزّقته التسميات والهويات الدامية والمياه المالحة، وقوارب البحر التي بدأت تكتب تاريخاً جديداً دون أرجوان أجدادي الفينيقيين الخالدين.»
ما ميز «ساحة مريم» أنها جاءت بطريقة فنية متحرّرة من كلّ الأيدولوجيات باتجاه حركية تمثيل الواقع الأسود الأليم التي لبِستْ مجموعة الشخصيات المكوّنة في هذه الرواية الجديدة.
«ساحة مريم» جاءت مقسّمة لأحد عشر فصلاً تراوحت بين الطول والقصر كاشفة عن عتمات الوجود العربيّ والإنسانيّ على حدٍّ سواء.. إنها فصولٌ تُراجع بها مفهوم الصراع الأكبر على سورية مع ما قرأته وتعلَّمته.
تتحدث عن الوجع السوري الممتد من مئات السنين، وصولاً إلى الوجع الحالي ممزوجاً بالأزمنة والتواريخ، وأن الرواية تحمل مجموعة من الأهداف، تجسدها شخصيات مختلفة بأحداث متتالية وأماكن فريدة.
العدد 1200– 6-8-2024