المرأة والقصة القصيرة

الملحق الثقافي- شوقي بدر يوسف:
لا شك أن محاولة اكتشاف هذه الخصوصية التي تكتنف واقع القصة القصيرة التي تكتبها الكاتبة السورية ربما يضع أمام أعيننا العديد من الحقائق الملتبسة في الإبداع الذى تكتبه المرأة على إطلاقه ذلك أن المبدعة السورية في هذا المجال، وما تمر به فى حياتها الخاصة والعامة إنما هو النسق نفسه الذي تعايشه المرأة المبدعة في كل مكان إلا أن الكاتبة في سوريا ربما تعيش حالة خاصة من حالات هموم الوطن والإنسان والانتماء والهوية والذات بأبعاد لها خصوصيتها على تنوعها، كما تعيش أيضاً مشاكل وقضايا الهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وما يحدث على مستوى التهديدات الحاصلة الآن، فالكاتبة في سوريا تعيش هذه الهموم أكثر مما تعيشه بعضهن في البيئات العربية الأخرى اللهم ما نجده الآن في الكتابة الإبداعية للمرأة في كل البيئات العربية الأخرى، حيث الهم العربي الخاص بالوطن والهوية يحتل مساحة تتماثل إلى حد كبير مع ما تعيشه الحالة في المشهد الإبداعي السوري، والكتابة الأنثوية في مجال القصة القصيرة على إطلاقها تتقاطع مع الأجناس الأدبية الأخرى في استحياء شديد حيث تجيء الرواية في المقام الأول، ثم القصيدة الشعرية ونصوصها الملتبسة مع النثر، ثم القصة القصيرة بعد ذلك أي أن معظم الكاتبات بصفة عامة يحتفين بالمنجز الروائي في إبداعهن في المقام الأول باعتبار أن العالم الروائي هو العالم صاحب الزخم الأصيل في المجالات السردية الحديثة، وهن في هذا المجال يضعن التجربة السردية فى حالة من حالات الاستنفار الأنثوي النابع من مكامن الذات والحياة المتحلقة حول الشأن والذات الخاصة والعربية في الداخل والخارج وما يدور حولها من قضايا وهموم خاصة وعامة، كما أن الملاحظ أيضاً أن معظم كاتبات القصة يعمل معظمهن فى مجال الصحافة، وفي وسائل الإعلام المختلفة في الدوريات المختلفة والإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء وغيرها من وسائل الإعلام، لذا جاءت أعمالهن في صميم القضايا المجسدة لهذا الواقع مما يجدنه متحلقاً حول اهتماماتهن الخاصة والعامة في هذا المجال، كما أن النشر بالنسبة لهن لا يحمل أي من مشاكل النشر المتواجدة في الساحات الإبداعية الأخرى، كما نجد أيضاً ملمحاً مهماً يتجاوز هذه الملاحظات، وهو أن بعض من الكاتبات يعيش بعضهن خارج الوطن في منفى اختياري، بسبب ظروف الحرب وغيرها من الملابسات المتعلقة بالمعيشة في تلك البلاد، مما أتاح لهن حرية التعبير والحركة والانتشار والاحتكاك بالمشاهد الإبداعية المتميزة في منافيهن.
والمرأة الكاتبة والتي هي في الوقت المكتوب عنها هي محور الاختيار الذي جعلنا نتوجه إلى ساحة إبداعات القصة القصيرة التي تكتبها القاصات في كل من سوريا ولبنان اللواتي كانت تجاربهن فى هذا المجال لها طابعها الخاص من جوانب عدة أهمها لحظة المشاهدة التي تثير هاجس الكتابة عند الكاتبة وتدفعها إلى الإمساك بالقلم للتعبير عن هذه اللحظة الثرية المستثارة من الحكى والنابعة من جبلة الثرثرة والسرد والشهرزادية المعروفة فى طبيعتها الخاصة، ثانياً: هي لحظة النص ذاته ولحظة تماس التجربة التي تمارسها المبدعة في كتابتها السردية على وجه الخصوص عندما تختار جانب التعبير عن الواقع الحي المحيط بها والمتفاعل مع حياتها من خلال هواجسها الذاتية والبوح الأنثوي الذي يأتي أحياناً متوازناً مع الحياة العامة التي تعيشها المرأة خاصة في بلد مثل سوريا ولبنان بأحوالهما الاجتماعية والسياسية والثقافية، ثالثا لحظة الأزمة والتى هى نتاج التجربة الحياتية المعيشة والتي ينتج عنها النص في شكله وإيقاعه ولغته وصيغته النهائية المطروح بها في ساحة الفن، هذه الجوانب جميعها تفرز الكتابة السردية في ساحة القصة منجزها الطبيعي، إلا أن تجربة المرأة في هذا المجال ربما تكون لها خصوصية داخل النص القصصي من خلال بعد إنساني له طاقته الخاصة التي تفرزها ساحة المرأة في كل من سوريا ولبنان، وهما ساحتان كما ذكرنا لهما أبعادهما الثقافية والسياسية والاجتماعية المتحلقة حول قضايا متعددة تنبع وتكمن فى إطار ما تحمله البيئة والمناخ والإنسان والقضايا المشحونة في هذا المكان.
ولعل تعريف الكتابة الأنثوية في مجال الإبداع في حد ذاته هو محاولة للإجابة على التساؤل الذي تثيره بعض النماذج المختارة من ساحة الكتابة السردية للمرأة، كما وأن الجدل المثار حول المصطلحات المتحلقة حول طبيعة كتابات المرأة، من نسوية وأنثوية ونسائية، وما يتحلّق حول هذه المسميات من رؤى وجدل والرفض القاطع حول مدلولات بعض هذه المصطلحات كل هذا يثير حول إبداعات المرأة أحاديث كثيرة نتيجة لهشاشة المصطلح، وزيف الجوهر على حد دفاع المرأة عن رؤيتها تجاه ذلك، والبعد عما تثيره هذه المقولات من توافق بين الإبداع وبين واقع الحال في هذا المجال.
وقد وضعت فرجينيا وولف فى كتابها الشهير «غرفة له وحده» رؤيتها في وضعية كتابات المرأة والترابط والاتصال الذي يجمع كتابات المرأة فى هذه الغرفة المتمردة إن صح هذا التعبير، والتي تقول فيها إن على المرأة أن تكتب ما تكونه هي لا ما يكونه الأخر، ففي هذا المؤلف الصغير تربط الكاتبة بين أسماء كاتبات حقيقيات بأسماء وهمية لتبين من الرمز المتواجد في هذه السطور البسيطة طبيعة كتابات المرأة وأن تضع أسماء كاتبات مغمورات أو شبه منسيات فى التاريخ الأدبى بين سيل من الرجال العظماء، وقد أثارت فرجينيا وولف في هذا الكتاب إشكالية أساسية هى علاقة المرأة بالكتابة والإبداع، وللمرة الأولى ظهرت نظرية الترابط بين هوية الكاتبة والعمل الأدبي من خلال كتاباتها عن نساء سبقنها في هذا المجال أمثال جين أوستن وإميلى برونتي وغيرهن من الكاتبات اللاتي احتللن مكانة متميزة في عالم السرد الأنثوي.

العدد 1200– 6-8-2024

آخر الأخبار
الخارجية ترحب بمبادرة قطر: خطوة حاسمة لتلبية الاحتياجات الملحة للطاقة في سوريا الدكتور الشرع: تفعيل اختصاصات الصحة العامة والنظم الصحية للارتقاء بالقطاع وصول الغاز الطبيعي إلى محطة دير علي.. الوزير شقروق: المبادرة القطرية ستزيد ساعات التغذية الكهربائية مرحلة جديدة تقوم على القانون والمؤسسات.. الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري ويشكل مجلساً للأمن القو... الرئيس الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري تاريخ جديد لسوريا وفاتحة خير للشعب غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا