الثورة – غصون سليمان:
في الشكل والمضمون حقق ملتقى برنامج الإدارة المحلية في مرحلة التعافي المبكر الذي أشرفت على إدارته وتنظيمه حركة البناء الوطني، في إطار السعي لتخفيف الأعباء عن كاهل المجتمع والمؤسسات، من خلال البحث في عمق المشكلات وتفنيدها من دون أي تجميل، فيما يخص عمل مجالس الإدارة المحلية، ليس بهدف التشهير وإنما بهدف تشخيص المرض وتشريح الأدوات، وتظهير سلسلة المشكلات المعقدة والمقيدة ربما، سواء في التشريع أم ضعف الإدارات أو الكفاءات ببعض المطارح الوظيفية، وتداخل الصلاحيات وتشابكاتها بين أكثر من جهة.
هذه جميعها كانت تحت مجهر الحوار البناء، والنقاش المنظم، على مدى ساعات طويلة اعتمدتها الجهة المنظمة بغية وصف ما يلزم من الدواء المناسب من خلال المقترحات والتوصيات في كل ما يتعلق بشأن عملها بالجانب الإداري والمالي والتشريعي.
وإذا ما سأل المرء، لماذا الإدارة المحلية؟ فالجواب: لأنها هي الحجر الأساس بكل هذه الأمور من أولها إلى آخرها- حسب رأي رئيس حركة البناء الوطني الأستاذ أنس جودة، الذي اعتبر في لقاء لـ “الثورة” على هامش الملتقى أن المدخل الأساسي لبناء حالة التشاركية بين الناس هي المفتاح والمدخل السليم لبناء التعافي على المستوى المحلي لتعزيز القيم الاقتصادية، لافتاً إلى أن الإدارة المحلية ليست خدمات (قمامة وطرقات وغيرها..)، بل هي تعافي وتنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، وهذه جميعها مسؤولة عنها الإدارة المحلية، مؤكداً أن ما نطمح إليه هو أسلوب إدارة جديدة للإدارة المحلية بطريقة تشاركية موسعة مع فئات المجتمع.
– تعزيز جسور التواصل..
ونوه بأنه حين تكون مقدمات الإدارة صحيحة تكون النتائج سليمة، لافتاً إلى أهمية تعزيز الجسور بين المجتمعات المحلية مع بعضها البعض وكذلك الجسور بين المجتمع والدولة لطالما نريد الإعمار، والأهم هنا البشر قبل الحجر، فحين تتقارب وتتصالح النفوس يسهل إعمار الحجر.
كما لفت إلى نقطة مهمة، واضعاً يده على الجرح، إذ بات مجتمعنا محملاً اليوم بثقلين هائلين، والأول هو طبيعة الحرب وآثارها المدمرة ناهيك عن حالة الإنهاك التي أصابت بنيان المجتمع كله، والأمر الثاني محمل بعطالة قديمة، بمعنى اعتياد المجتمع إلى حد كبير على ما تقدمه الدولة كراعية، من دون أن يكون مبادراً في غالبيته بل اتكالياً، فبات لدينا إلى حد ما ثقافة الشكوى عموماً.
فعلى سبيل المثال لا الحصر يتقدم مواطن بشكوى ما إلى البلدية ويتم الإخبار على التواصل لأمر ما يتعلق بطريق أو موقف باص أو حالة موظف أو ترحيل قمامة، من دون أن يكلف أي شخص خاطره ويبدي وجهة نظر إيجابية بأن هذا المكان لإحدى الشكاوى غير مناسب، بل هناك أفضل منه أو حتى ولو كان هذا المقترح تعبيد طريق قد ينفع بحالة استثمارية مناسبة في هذا الجانب تخدم أنواع الاستثمارات المحلية.
– بناء العلاقات الاجتماعية..
وبيَّن رئيس حركة البناء أن الدولة لم تعد قادرة بهذه الظروف الصعبة على تقديم كل ما يلزم لأبنائها، ما يتطلب من أبناء المجتمع أن يكونوا مبادرين ومساهمين في ردم فجوة الشرخ من خلال وضع اليد على الجرح وحل المشكلات واستعادة الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة، فالمجتمع المحلي هو أدرى بمشكلاته التي تحتاج إلى تضافر الجهود على مبدأ نظرية مساحة البيكار ونجعله أكثر اتساعاً.
وقال جودة: صحيح مازلنا نمر بظروف صعبة لكن لا نريد أن نبقى عند شماعة الظروف، لذلك نرى التعافي ليس بنية تحتية فقط على أهمية هذا المسار، ولكن التعافي هو علاقة جديدة قائمة على التشاركية والمواطنة والأدوار المتبادلة، وتكامل حلقات العمل وتراكمها، ولكل دوره في الإنجاز والعطاء.
وأشار إلى أن التعافي يحتاج ثلاثة أمور تنطلق من إعادة بناء العلاقات الاجتماعي، وبناء الثقة بمؤسسات اتخاذ القرار، وتعزيز سلاسل القيم الاقتصادية،حيث العلاقات الاقتصادية مهمة كما العلاقات الاجتماعية فكل قطاع لديه مشكلاته، وبالتالي من الصعب حل المشكلات دفعة واحدة، ما يتطلب التفكير بعبارة كيف وليس ماذا، وهذا ما تعمل عليه حركة البناء الوطني كحالة مجتمعية ومدنية تحاول أن تفتح مساحات حوار وتلاقي بين السوريين كوظيفة أساسية، مع محاولة الوصول إلى توصيات ومقترحات ومساحات إيجابية خاصة وأن أي بلد لا يقوم على الشكوى فقط بل طرح الأفكار والحلول وتجاذبها بين جميع القوى الفاعلة والمؤثرة على الأرض للوصول إلى ما نبغي من خلال خلق تيار وحالة وعي مجتمعية تساهم بتحريك المجتمع باتجاهات إيجابية وفاعلة تساهم ببناء علاقات الإنسان والمجتمع التي أثرت في جوهرها عوامل عدة نعرفها جميعاً.
وختم جودة حديثه بعبارة.. إن الأرض هي الوطن والهوية، والانتماء وهي الأرضية الثابتة ويتحرك المجتمع وفق مؤشرات التنمية بكل أبعادها.