الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
مع التغطية الإعلامية لدورة الألعاب الأولمبية في باريس، وظهور امرأة مرشحة للرئاسة، ومنافسها الاستفزازي الرئيس السابق ترامب الذي يتنافس على جذب انتباه الرأي العام، سوف يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يعود الكثير من اهتمام وسائل الإعلام الرئيسية التي تشرف عليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إن وجد، إلى التغطية المتواضعة للخسارة الهائلة في أرواح الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
هل ستظهر أي وسيلة إعلامية قوية في الجنوب العالمي في هذه الأثناء لجذب انتباه الرأي العام إلى المذبحة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بالأسلحة والذخيرة الأميركية؟ إلى الاستيلاء الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية؟ وإلى الاحتلال العسكري الإسرائيلي غير الشرعي لفلسطين على مدى أجيال؟ وإلى “حق إسرائيل” في سجن جميع سكان غزة؟ وإلى إنكار “إسرائيل” لحرية الفلسطينيين كأمة.
تقول دائرة الإعلام الحكومي في غزة إن المستشفيات استقبلت منذ بداية الهجوم الإسرائيلي في أوائل تشرين الأول أكثر من 39650 قتيلاً، بينهم 16365 طفلاً وأكثر من 11 ألف امرأة، وهو ما يشير إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا الفلسطينيين كانوا من المدنيين. ولا يزال عشرة آلاف شخص آخرين في عداد المفقودين تحت الأنقاض أو لم يتم انتشال جثثهم بعد من الشوارع أو المناطق التي يصعب الوصول إليها.
ويقدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن ما لا يقل عن 51 ألف فلسطيني آخرين لقوا حتفهم نتيجة حصار “إسرائيل” لقطاع غزة والانهيار المتعمد للقطاع الطبي، فضلاً عن الدمار واسع النطاق للبنية التحتية والنزوح الجماعي للمدنيين، ما أدى إلى انتشار الأمراض.
أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى خروج نحو ثلاثين مستشفى و68 مركزاً صحياً عن الخدمة. وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي أن الهجوم العسكري الإسرائيلي تسبب في خسائر أولية مباشرة بلغت 33 مليار دولار.
وقال مكتب الإعلام إن أكثر من 91.500 شخص في غزة أصيبوا بجروح، وتوفي ما لا يقل عن 36 شخصاً جوعاً، بينما قتل ما يقرب من 900 عامل طبي ونحو 80 فرداً من الدفاع المدني بعد أكثر من 300 يوم من الإبادة الجماعية.
وأضاف المكتب أن الاحتلال الإسرائيلي ألقى 82 ألف طن من المتفجرات على غزة، ما أدى إلى تدمير المنازل والجامعات والمدارس والمساجد والكنائس والمباني الحكومية والمرافق الرياضية والترفيهية والبنية التحتية للمياه والصحة والمواقع الأثرية والتراثية.
في هذه الأثناء، قال مكتب الإعلام الحكومي يوم الجمعة الماضي إن غزة عاشت 300 يوم بدون كهرباء بعد أن قطعت “إسرائيل” إمدادات الكهرباء منذ 7 تشرين الأول، واضطرت محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع إلى الإغلاق بعد أربعة أيام بسبب نفاد الوقود.
لقد أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى منع التشغيل الطبيعي للبنية الأساسية والخدمات الحيوية لسكان غزة، الذين بلغ عددهم قبل الحرب 2.3 مليون فلسطيني. ويشمل ذلك المرافق الصحية ومرافق المياه والصرف الصحي والمدارس ومطاحن الدقيق والمخابز. وقد سمحت الكارثة البيئية الناجمة عن ذلك بانتشار الأمراض وظهور فيروس شلل الأطفال والتهاب السحايا المعديين للغاية.
إن الافتراضات التافهة والافتراءات التي تتداولها وسائل الإعلام الرئيسية من جميع الزوايا خلال الاستعراض المبالغ فيه المعتاد للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لن تجعل العالم بأسره ينسى الإبادة الجماعية المستمرة التي تمارسها حكومتا الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
وإن وسائل الإعلام الغربية التي تقدم الانتخابات الأمريكية على أنها ذات أهمية قصوى لن تقلل من الغضب المتزايد إزاء الإبادة المروعة لأطفال غزة، حيث تكتسب هذه الإبادة الجماعية المزيد من الاهتمام العالمي المروع، مما يفضح الانشغال الأناني للأميركيين والإسرائيليين.
قد يصل عدد الوفيات بسبب القصف والمجاعة وسوء التغذية إلى قرابة مليون شخص بحلول شهر تشرين الثاني القادم، وعندها لن يشعر أغلب الناخبين اليهود الأميركيين بالخجل من الإبادة الجماعية الوحشية التي ارتكبتها “إسرائيل” والولايات المتحدة بحق الفلسطينيين.
ومن ناحية أخرى، هل ستلعب “معاداة السامية” دوراً في إقبال الناخبين على التصويت لصالح ترامب؟، ولكن، ومع استمراره في الترويج لإسرائيل، هل من الممكن أن يدرك ترامب أنه قد يوقظ الحماس التقليدي المناهض لليهود المتأصل في دائرته الانتخابية اليمينية المتطرفة، وبالتالي قد يقلل من نسبة الإقبال على التصويت له في تشرين الثاني المقبل؟.
المصدر – غلوبال ريسيرش