الثورة – حسين صقر:
تزامناً مع الاستعداد للبدء بعام دراسي جديد، أعادني الحديث مع زملائي في العمل، عن مساوئ الاستخدام المفرط للهاتف الذكي في المدرسة والعمل والمنزل والأماكن العامة، إلى قيام أحد مديري المدارس بالطلب من الطلاب في المرحلة الثانوية أن يقوموا بشكل طوعي بتسليم هواتفهم النقالة إلى إدارة المدرسة مقابل الحصول على إيصال استلام يتضمن اسم الطالب ونوع الهاتف ورقماً، من أجل استعادته نهاية العام وبعد الانتهاء من الامتحانات.
المدير فوجئ في اليوم التالي أن ثمانين بالمئة من الطلاب قاموا بتسليم هواتفهم ودون تردد، مايؤكد تأثرهم بكلمات المدير الذي ذكرها عن سوء استخدام الهاتف الذكي والتطبيقات الموجودة عليه، ومدى انعكاسها على تحصيلهم، في الوقت الذي ذكر فيه كيف يمكنهم الاستفادة من الهاتف نفسه إذا دعت الحاجة، من خلال سحب الملفات على هواتف ذويهم وسحبها ورقياً من المكتبات، لأن قراءتها أسهل وتساعد على التركيز والحفظ أكثر بكثير من القراءة عن الشاشة، التي يمكن أن ينشغل بها الطالب نتيجة اتصال ما أو فضول للدخول على التطبيقات المحملة كالفيس والواتس والانستغرام واليوتيوب وغيرها الكثير.
فموضوع استخدام الهاتف الذكي في المدارس أصبح مثيراً للجدل يُناقشه الطلاب وأولياء الأمور والمدرسون والجهات المسؤولة عن القطاع التربوي والتعليمي، ويعتقد الأشخاص الذين يدعمون استخدام الهواتف المحمولة أن هذه الهواتف ضرورية للسلامة، من خلال السماح للأطفال بالتواصل مع والديهم وأولياء أمورهم، ويمكن لهذه الأجهزة تبسيط الكثير من الأمور المدرسية.
كما يعتقد هؤلاء أيضاً، أنه يمكن الاستفادة من حقيقة أنه في الوقت الحاضر، لم تعد هناك حاجة لتذكر كل شيء بعد الآن، إذ يمكن استخدام الهواتف المحمولة للوصول إلى جميع المعارف الإنسانية في أي مكان تقريباً، ما يسمح للمدارس بتحويل تركيزها من نقل المعرفة إلى فهم كيفية عمل بعض الأشياء معاً، وتعزيز تطور الشخصية والعمل الجماعي والإبداع والمهارات الاجتماعية وما إلى ذلك.
أما معارضو استخدام تلك التقنية يعتقدون أن استخدامها أثناء وقت المدرسة يسبب ارتباكاً للطلاب، ويمكن استخدامها بشكل غير مناسب مثل الغش في الاختبارات، والتقاط صور غير ملائمة، والتعلق ببعض الألعاب المؤذية للنفس والروح، وذلك بدلاً من الانتباه إلى المدرسين، وهو مايؤدي أيضاً لقضاء الطلاب أكثر الوقت وهم مشتتو العقول.
“الثورة” تواصلت مع الموجه التربوي ماهر عطا الله، والذي قال: لمنع الاضطراب الناجم عن استخدام الهواتف المحمولة، نفذت بعض المدارس سياسات تقيد الطلاب من استخدام هواتفهم خلال ساعات الدراسة، وذلك من أجل تقليل الانحرافات ومنع الاستخدام غير المفيد، بعد أن أصبحت الهواتف الذكية والتكنولوجيا عموماً جزءاً لا يتجزأ من حياة الطالب اليومية على مستوى العالم، وليس في الوطن العربي فقط.
وأضاف؛ لكن مع وجود التسهيلات التكنولوجية تلك، تتغير معها الخبرات المأخوذة من قبل الطلاب في المدارس، ما يجعلهم يسيؤون استخدامها، ولهذا لابد من معرفة الأهل واطلاعهم على إيجابيات وسلبيات حمل الهاتف في المدارس، وذلك من خلال الاطلاع على المعلومات المتوافرة على الصفحات والمواقع الإلكترونية.
ونوه عطالله بميزات الهواتف الذكية ومخاطر استخدامها في المكان غير الصحيح، ولاسيما أن هناك سهولة كبيرة باتت في التعامل مع الأجهزة التكنولوجية، خاصة إذا كان الغرض من الهاتف هو عرض ما يقوم به المُعلم على السبورة مثلاً تزامناً مع هواتف الطلاب في الفصل، لكن لايوجد ضمانة من شرود الطالب وجنوحه إلى أيقونات وصفحات أخرى تشتت انتباهه، وإذا كان لابد من ذلك، فهناك شاشات عرض كبيرة تمكن حتى الطلاب في المقاعد الأخيرة من متابعة الدرس.
وحذر الموجه التربوي إلى مخاطر استخدام الهاتف الذكي من خلال تصوير الفيديوهات وجعل بعض المدرسين مادة للسخرية يتناقلها الطلاب فيما بينهم عبر الواتس والبلوتوث وغيرها، فضلاً عن تداول المقاطع المخلة بالآداب والمقتطعة من بعض الأفلام العربية والأجنبية، وبرامج القتل والإرهاب وغيرها، والتأثر بها وتداولها، وهنا يتحول الهاتف من أداة تخدم الطالب في حياته اليومية، إلى وسيلة صارخة للتنمر على الزملاء والمدرسين والعامة معاً.
وختم عطالله.. كل ما يوجد بين أيدينا من وسائل وتقنيات ومواد وأدوات، يمكن أن ينقلب وبالاً إذا أسأنا استخدامه، وقال العصا يمكن أن تقتلع بها حجراً، وأن تقتل بها إنسانا وكذلك الدواء وحتى المواد الغذائية إذا أفرطنا بتناولها تتحول إلى سموم في أجسامنا، لكن العبرة في الوعي والإدراك للسلبيات والإيجابيات.