الثورة- حسين صقر :
أربعة عشرعاماً والسوريون لم يناموا الليل، سنوات طويلة وهم يذوقون مرارة الحرب، و القتل والدمار، و القلق والتوتر.
بالطبع لا شماته بأحد كائناً من كان، ومن أي مكان، لكن سياسة النظام الإيراني هي التي أوعزت للنظام الأسدي المخلوع بأن يستمر في غيه، وأن يستمر بآله القتل والتدمير ضد السوريين الثائرين على فساده و طغيانه، والتي تسببت بكثير من الآلام، والمعاناة و الحصار.
وممارسات إيران لم تقل عن سلوك الكيان الصهيوني المحتل، والذي استغل فرحة السوريين بالتحرير من النظام البائد، حتى استباح الأجواء السورية، فضلاً عن التوغلات والاقتحامات، في محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق، كما استغل الفرصة لضرب المواقع العسكرية والدفاعية بعد أن ساعده الطاغية بشارالأسد بذلك، ولم يبق مكاناً في سورية إلا وطالته يد الغدر الصهيونية.
لا شماته بأحد، لكن في الحروب دائماً هناك من يتعلم وهناك من يتألم وهناك من يتفرج، أو يشاهد، ولكن لا يستطيع فعل أي شيء، سوى المراقبة والتأمل فيما يفعله الخلق ببعضهم.
الحروب أنواع ،منها ما يشتعل بحق، كالتي هبت في سوريا ضد النظام الفاسد، ودفع ثمنها الكثيرون، وحققوا نجاحات فيها، ومنها ما يشتعل لغايات شخصية وأمنية وسياسية واقتصادية، لكسر هيبة الدول، وجعلها تنصاع لأوامر دول تريد أن تتسيد العالم وتمارس القطبية الواحدة.
الإسرائيليون والإيرانيون يتبادلون كرات النار، وتسقط فوق رؤوس الأبرياء في فلسطين المحتلة ومدنها، وفي المدن والمناطق الإيرانية، تسقط الصواريخ في المناطق السكنية ويذهب ضحيتها مدنيون، وفي أحيان أخرى تطال تلك الصواريخ الدول المجاورة، نتيجة تصدي الدفاعات الجوية للطرفين لها، حيث تنفجر وتسقط في تلك الدول مسببة الخراب والدمار وإزهاق أرواح الأبرياء.
هذه هي حروب الأزرار التي يديرها أشخاص من غرف العمليات، يطلقون صواريخهم، ولا همّ لديهم، إن وصلت وبلغت أهدافها أم لم تصل، لكن الهمّ والألم أين ستسقط وماذا ستفعل أو بماذا تتسبب.
يخطئ من يقول اليوم أن السوريين يستمتعون بمناظرالصواريخ، بل يتألمون ذات الوجع، الذي عانوا منه أيام سقوط البراميل المتفجرة والقذائف والقنابل على المناطق المعارضة لسياسات النظام المخلوع.
حكام بني صهيون وأجهزة النظام الإيراني يتبادلون كرات النار و الصواريخ، والتي تترك آثارها التدميرية أيضاً على السوريين الذين فرحوا بانتهاء حربهم، حيث تسقط تلك الصواريخ التي لم تصل إلى فلسطين، ولا إلى إيران، إنما تنفجر فوق الأراضي السورية، بعد أن تسلل الكيان الصهيوني خلسة، وأدخل منصّات ما يسمى بالدفاعات الجوية ضد الصواريخ الإيرانية المحتملة إلى الأراضي السورية، بعد أن خطط مسبقاً لضرب إيران، ويعلم أن ثمة منها سوف ينفجر، ولابأس إن انفجرت فوق رؤوس السوريين.
المدنيون هم من يدفعون ثمن الحروب أينما كانوا، وممن كانوا ولأي جنسيات يتبعون، وهم وقود تلك الحروب، وهم الذين يتكبدون الخسائر، فالصواريخ الإيرانية التي تطلق من إيران تسقط في أحياء سكنية في فلسطين، وكذلك الصواريخ التي يطلقها حكام إسرائيل تسقط في أماكن و مناطق سكنية في إيران.
الليلة الرابعة من الحرب و النار تشتد، ويبدأ فصل آخر لايشبه ماسبقه، ويوماً بعد آخر يدخل الصراع مرحلة أكثر خطورة ووضوحاً، حيث لم تعد الضربات متبادلة فحسب، بل تحولت إلى استهداف مباشر لمراكز حساسة ورسائل سياسية لا تخطئها العين.