الثورة- سمرحمامة:
يُعد التقاعد من العمل مرحلة مهمة في حياة الإنسان، حيث ينتقل من نشاطه المهني إلى وضع جديد مختلف كلياً، يثيرلديه الكثير من التساؤلات حول كيف يقضي وقته، وما إذا كان سيشعر بالفراغ والملل أو بالراحة والاستمتاع.
ويُنظر إلى التقاعد أحياناً كبداية لمرحلة من الراحة بعد سنوات من العمل الشاق، وأحياناً كحالة من الفراغ النفسي والاجتماعي، خاصة مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المواطن.
بين الراحة والتحدي
تقول السيدة “فاطمة”، متقاعدة عن العمل منذ خمس سنوات:”التقاعد بالنسبة إلي كان نعمة، لأنه مكنني من التركيزعلى شؤون منزلي وأولادي وأحفادي.
رغم أنني أحيانًا أشعر بالوحدة، لكن الاهتمام بالمنزل جعلني مشغولة وسعيدة.
“أما السيد “محمد”، متقاعد من إحدى الوزارات الحكومية، فيعبرعن شعوره بمرارة:”البقاء في البيت طوال اليوم يشعرني بأنني عديم الفائدة، خاصة أنني كنت نشيطاً طوال حياتي العملية.
حاولت أن أجد عملاً بسيطاً، لكن الوضع الصحي لا يسمح، وأصبحت أذهب للمقهى مع أصدقائي فقط لنقضي الوقت.
“ويضيف “أحمد”، متقاعد حديثاً:”الروتين والانتظار باتا مرهقان عليّ، خاصة أنني لا أملك هواية أو نشاط أمارسه.
أشعر أن الوقت يمرّبلا معنى.
“هذه الآراء توضح أن التجربة تختلف بين الأفراد، حيث يتوقف مدى رضا المتقاعد على نشاطه السابق، صحته، ودعم أسرته ومجتمعه.
صدمة نفسية
وفي هذا الإطار يوضح الخبراء النفسيون بأن التقاعد، هو مرحلة انتقالية قد تسبب صدمة نفسية لبعض الأشخاص، لأنهم يفقدون دورهم الاجتماعي والمهني الذي شكّل هويتهم لسنوات.
الشعور بالفراغ والملل قد يؤدي إلى الاكتئاب أو العزلة الاجتماعية.”ويرى هؤلاء، أن المرأة غالباً ما تجد دورها في المنزل، مما يخفف من الشعوربالفراغ، بينما يواجه الرجل تحدياً أكبر، خصوصاً إذا لم يجد نشاطاً بديلاً.
لذلك، من المهم دعم المتقاعدين نفسياً وتشجيعهم على إيجاد نشاطات جديدة.
“،لافتين بأن هناك العديد من الأسباب التي تزيد من صعوبات التقاعد منها الفراغ، وقلة النشاط، وعدم وجود خطط واضحة لقضاء الوقت يؤدي إلى الملل.
إن الوضع الصحي لبعض المتقاعدين يمنعهم من القيام بأنشطة أو أعمال وضعف التواصل مع الآخرين يزيد من الشعور بالوحدة.
وشعورالرجل بفقدان دوره كمعيل أساسي أو عامل منتج،بالإضافة لضيق الموارد المالية التي تحدّ من الخيارات المتاحة للمتقاعد.
وبناء على ما ذكر قدم الاختصاصيون مجموعة من الحلول لدعم المتقاعدين منها :تشجيع المشاركة المجتمعية حيث يمكن للمتقاعد الانضمام إلى الجمعيات الأهلية، المراكز الثقافية أو الأندية الرياضية، مما يعزز شعوره بالانتماء والفاعلية،و تنمية الهوايات والمهارات، وكذلك تحفيز المتقاعد على تعلم مهارات جديدة أو ممارسة هوايات مثل الزراعة المنزلية، القراءة، الكتابة، أو التطوع،وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي من خلال جلسات دعم نفسي، خلق مجموعات نقاش، أو برامج لمساعدة المتقاعدين على التكيف مع الوضع الجديد، وإيجاد فرص عمل، فبعض هذه الشريحة يرغبون في الاستمرار بالعمل لكن بشكل مناسب لعمرهم وحالتهم الصحية، مثل الاستشارات أو الأعمال الخفيفة.
بالإضافة إلى إقامة لقاءات أو رحلات جماعية للمتقاعدين، تساعد على كسر العزلة وتجديد النشاط.
التقاعد ليس نهاية الحياة، بل هو بداية لمرحلة جديدة يمكن أن تكون مليئة بالراحة، النشاط، والإنتاج إذا ما تمّ التعامل معها بحكمة.
والتحدي الأكبر يكمن في ملء الفراغ بنشاطات ذات معنى، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتقاعدين.
على المجتمع والأهل والمؤسسات أن يسعوا لإيجاد بيئة مناسبة تشعرالمتقاعد بقيمته وأهميته، فلا يكون التقاعد انتظاراً مملاً بل فرصة لتحقيق ذات جديدة.