الملحق الثقافي-غسان شمة:
يعد تطور اللغة عند الإنسان أحد أهم الأحداث المثيرة للاهتمام منذ ظهوره إلى الوجود. وقد ذهبت الدراسات المختلفة إلى أن نظام اللغة هو «نظام معقد بشكل هائل، وهي جوهرية للغاية بالنسبة للإنسان حيث إنها تتغلغل في جميع مناحي الإدراك والسلوك البشري والثقافة».. وهي نظام متميز يقيم حداً فاصلاً بين الإنسان والكائنات المختلفة الموجودة فوق هذه الأرض.. والكلام من حيث التعريف النظري يشير إلى عدة دلالات فهو: نظام الإشارات الافتراضي لجميع الثقافات البشرية في جميع أنحاء العالم، وهو جزء من المكون البشري للغة.
ويشير العلماء إلى أن الطفل يستطيع أن يتعلم لغة ما استناداً إلى بيانات متفرقة في عالمه، بينما لن يتعلمها الشمبانزي، الأكثر ذكاء، الذي يمكن أن يتعرض للبيئة نفسها، كما يقول الباحث والعالم دبليو فيتش في كتابه «نشوء اللغة» المتميز بغزارة مادته المعرفية والتاريخية، والكتاب صادر عن وزارة الثقافة، ترجمة: د.هنادي موصللي.
وفي هذا السياق يطرح الباحث أسئلة جديرة بالتعرف على مساراتها وإجاباتها قدر الإمكان خاصة بالنسبة للمتخصصين والباحثين في هذا المجال، ومن تلك الأسئلة: ما الآليات الإدراكية المحددة والموجودة لدى الطفل البشري وليس لدى الشمبانزي مثله على سبيل المثال؟. ما أسسها العصبية والوراثية؟ كيف ترتبط تلك الأسس بآليات مماثلة لدى الأجناس الأخرى؟ كيف ولماذا تطورت لدى جنسنا البشري ولم تتطور لدى الأجناس الأخرى؟»..
إلى ذلك ثمة فوارق واضحة بين الأطفال والكبار من حيث القدرة على تعلم اللغة في إطار الدراسة الواقعية، المتعددة الوجوه والمستويات، ويؤكد أن قدرات تعلم اللغة البشرية ليست متطورة جيداً في البالغين كما هو الحال عند الأطفال، إذ إنه هناك «فترة حساسة لتعلم اللغة بطلاقة تبدأ بالتلاشي بعد البلوغ..كما أن غريزة تعلم اللغة لها أساس بيولوجي. لكن اللغة أيضاً لها مكون اجتماعي غير قابل للاختزال»…
العدد 1206 –24-9 -2024