الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
أسمعتم عن دماء من حبر، عن بلازما الكلمات، كيف يتقاعد صاحبها عن الكتابة، ويرمي قلمه كشهيد معركة طويلة؟
من قال إنّ الفكر الحرّ يستريح، تاركاً قضاياه الإنسانيّة جانباً محايداً عنها؟. وخاصة في عصر العالم الرقميّ الذي يكثر نشرنا الذاتي به، وما يشجعنا ولوج هذا العالم الساحر انتشار منصّات الإنترنت التي حطّمت حواجز النشر التقليديّة، مما يدعو الكتّاب المتقاعدين بإعادة تدوين حياتهم المهنيّة بشكل مستقل عن أي ارتباط خارجي للنشر، وإن هذا التحوّل يشير إلى الابتعاد عن الطرح التقليدي للتقاعد أو اعتبارها نقطة نهاية مسار إبداعي حافل.
وهنا أريد التنويه إلى المبادرة الجميلة التي أطلقها اتحاد الكتَّاب العرب في سوريّة بما سماه «ملتقى الكُتّاب المتقاعدين»
بهدف إشراكهم بأنشطة الاتحاد والاستفادة من خبراتهم، وتفعيل علاقتهم مع الاتحاد ومع المجتمع ومتابعة شؤونهم عن قرب.
لعل التقاعد فرصة لتحفيز الكتّاب والمؤلفين لإعادة تحديد أدوارهم في المجال الأدبي سواء تعلّق الأمر بحكمة فلسفيّة أو دعوة تغيير أو مغامرة إبداعية أياً كانت.
فحبل الوصل الذي يربط المتقاعد بالقارئ متين للغاية، ولا يريد له أن ينقطع فهو عمليّة تبادليّة تشاركيّة بينه كمؤلف مع المتلقي، وبالنهاية الكتابة ملكة وإلهام لا يمكنها أن تفارق الكاتب حتى نفسه الأخير، الكتابة تدفقٌ متواصلٌ للأفكار وخلاصة تجارب الكاتب الحياتيّة، يتلذّذ في نفخ الرّوح بكلماته التي يعتبرها مرايا ذاته ومعرفته ورؤاه، فالكتابة بالنهاية حصاد عمرٍ عتيقٍ كما الذهب.
العدد 1206 –24-9 -2024