الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
حطمت أحداث السابع من تشرين الأول من العام الماضي رواية زائفة، تغلغلت في وسائل الإعلام والسياسة الغربية لعقود من الزمن.
لقد كشفت عن حقيقة صارخة للعالم: إن الإرهاب الحقيقي وزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لم يكن من عمل بلدان هذه المنطقة أو حركات المقاومة فيها، بل كان حملة مستمرة من قبل “إسرائيل”، بدعم لا لبس فيه من الولايات المتحدة.
لقد كانت هذه الشراكة بمثابة حملة وحشية من التوسع والاحتلال والاغتيالات المستهدفة، والتي كانت دائماً تحت ستار “الدفاع عن النفس” ولكن الآن يُنظر إليها على حقيقتها، وهي حملة منهجية للسيطرة على المنطقة بأي ثمن.
عندما شنت المقاومة الفلسطينية عملية واسعة النطاق ضد القوات الإسرائيلية في العام الماضي، كان ذلك بمثابة رد مباشر على عقود من الاحتلال والفصل العنصري والاستعباد العنيف.
ولم يكن ذلك هجوماً غير مبرر، بل كان صرخة يائسة من أجل الحرية من قِبَل شعب يرزخ تحت الحصار الذي فرضته “إسرائيل” لمدة سبعة عشر عاماً، ويتعرض للقصف المنتظم، ويحرم من حقوق الإنسان الأساسية.
إن الغرب يصور الأحداث على أنها “مجزرة إرهابية”، لكنه يتجاهل الإرهاب اليومي المستمر الذي يواجهه الفلسطينيون، التفجيرات، وهدم المنازل، والاعتقالات التعسفية، وقتل المدنيين.
على مدى عقود من الزمن، تم استغلال رواية “الدفاع عن النفس” لتبرير أفظع أعمال العنف، من التفجيرات التي سوت بالأرض كتلاً سكنية بأكملها في غزة ودمرتها على رؤوس قاطنيها، إلى اغتيال الزعماء السياسيين في لبنان وسورية وإيران، من قبل “إسرائيل” والولايات المتحدة.
كما ألقى السابع من تشرين الأول الضوء على نمط العدوان الإسرائيلي الأوسع في مختلف أنحاء المنطقة، والذي لم يواجه أي تحدٍ يذكر.
ففي لبنان، شنت “إسرائيل” مراراً وتكراراً هجمات غير قانونية وغير مشروعة، منتهكة بذلك السيادة اللبنانية ومستهدفة المقاومة اللبنانية حزب الله، في حين ألحقت خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.
والواقع أن هذه الهجمات ليست حوادث معزولة، بل هي جزء من استراتيجية “إسرائيل” لقمع أي شكل من أشكال المقاومة لهيمنتها الإقليمية.
كما أن الهجوم الصاروخي التصعيدي الذي شنته “إسرائيل” على إيران يؤكد استعداد “إسرائيل” لإثارة صراعات إقليمية أوسع نطاقاً، بدعم ضمني أو مباشر من الولايات المتحدة.
إن تواطؤ أميركا في جرائم “إسرائيل” أمر لا يمكن إنكاره، فقد كانت السياسة الخارجية الأميركية متوافقة باستمرار مع المصالح الإسرائيلية، سواء من خلال الدعم الدبلوماسي أو التدخلات العسكرية التي أدت إلى زعزعة استقرار المنطقة.
فقد أدت حرب العراق، والعقوبات المفروضة على سورية، والوجود العسكري في لبنان إلى تعزيز الموقف الاستراتيجي لإسرائيل.
لا ينبغي لنا أن نفهم السابع من تشرين الأول باعتباره “نقطة انطلاق للعنف”، بل باعتباره لحظة كشفت عن طبقات العدوان والخداع والقمع التي طالما حددت التحالف الإسرائيلي الأميركي في الشرق الأوسط.
لقد كان تصوير العرب باعتبارهم “المعتدين الأساسيين” سرداً متعمداً تم إنشاؤه لتبرير الحروب والاحتلالات والعمليات السرية الإسرائيلية والأميركية.
إن المصادر الحقيقية للإرهاب في الشرق الأوسط ليست محور المقاومة فيها، بل العنف المنهجي الذي تمارسه “إسرائيل”، والذي تعززه الإمبريالية الأميركية.
إن الجمع بين القوة العسكرية والهيمنة الاقتصادية والتلاعب السياسي هو الذي أدى إلى استمرار دورة العنف والحرب ومنع أي مسار ذي معنى للسلام.
ويتعين على المجتمع الدولي أن يواجه حقيقة مفادها أن هذا الصراع لا يتعلق بالدفاع، بل يتعلق بالاحتلال والتوسع والطموح المستمر للسيطرة على المنطقة.
وفي حين يستمر الوعي العالمي في النمو، فإن الحاجة الملحة إلى المطالبة بمحاسبة المعتدين الحقيقيين، “إسرائيل” وأميركا وحلفائهما يجب أن تزداد أيضاً. يجب على المجتمع الدولي أن يرفض الرواية الزائفة عن “الإرهاب العربي” وأن يتصدى للإرهاب المستمر الذي دمر ملايين الأرواح.
إن العرب ليسوا الإرهابيين، بل إنهم مهندسو التوسع الاستعماري، بدعم من القوة الأميركية، هم الذين زعزعوا استقرار المنطقة وألحقوا بشعوبها معاناة لا يمكن تصورها.
المصدر- غرينفيل بوست