هل نحن حداثيون..؟

الثورة – ديب علي حسن:

إنه زمن الأسئلة التي تطرح بقوة، ويجب أن تبقى على بساط البحث والطرح إلى أن نصل إلى إجابات ربما تكون قاطعة، مع أنه لا إجابات قاطعة في العلوم النظرية والنقد الأدبي والفكري.
اليوم ونحن نعيش غربة ثقافية وفكرية وسياسية وإنسانية، ومتخلفون عن ركب الحداثة بمعناها الإنساني النوراني، يعود السؤال المطروح هل نحن حداثيون.. قفز السؤال أمامي من كتاب (المرايا المقعرة.. نحو نظرية نقدية عربية)، لمؤلفه الدكتور عبد العزيز حمودة، وهو من ضمن سلسلة عالم المعرفة الكويتية حمل الرقم (٢٧٢) لعام ٢٠٠١م.
ومن الكتاب نفسه نبحث عن الإجابة التي لا تزال صالحة، لأننا مازلنا نعيش السؤال نفسه.
يقول: (في الثمانينيات وبعد هذا، هل كان من الممكن ان نحقق مشروعا ثقافيا قوميا له بعض الاستمرارية ووضوح الرؤية؟)
حداثة التبجح
الثابت أننا في كل هذه المراحل المستعارة والمفروضة كنا- ومازلنا- نتبجح في صلف يحسدنا عليه الكثيرون، قائلين: إننا حداثيون، ثم ما بعد حداثيون، وإننا تحولنا من استهلاك حداثة الآخر الثقافي إلى إنتاج حداثة عربية خاصة بنا، وحينما نتعرض لاختبار بسيط، مثل اختبار وليمة لأعشاب البحر تسقط كل دعاوانا الحداثية وما بعد الحداثية، ونعجز عن الإجابة عن السؤال المبدئي من نحن..؟!
وتلح علينا ثقافة الأسئلة التي أثارها الاختبار الأخير: هل نحن شرقيون أم غربيون؟ هل نعيش حالة المجتمع الحديث أم حالة المجتمع القديم؟ هل ننتمي إلى التراث العربي أم إلى التراث الغربي؟ قد تعني الإجابة والقدرة على تحديد هويتنا الثقافية القدرة على اتخاذ قرار مع كل ولائم لأعشاب البحر القادمة، يرضي البعض ويغضب البعض.
فقد نتفق على أن وليمة لأعشاب البحر عمل إبداعي تكفل حرية التعبير (وحداثتنا) لصاحبه الاستقلال عن أي أحكام أخلاقية أو دينية وسوف يغضب ذلك بالقطع دعاة العودة إلى الأصولية باعتبارها المدخل الوحيد لتحديد الهوية الثقافية القومية.
وقد نتفق على أن الرواية، بصرف النظر عن أي قيمة إبداعية وجمالية تملكها، عمل مسف يخدش الحياء ويعيب في حق الذات الإلهية، وسوف يغضب ذلك بالقطع دعاة حرية التعبير، لكن الاتفاق يفترض أنه سوف ينهي حالة الفصام ويضع حدا للشرخ ويرأب الصدع.
وهكذا سنعود إلى درجة من التوحد الصحي والكلية التي راوغتنا لما يقرب من قرنين من الزمان، عندئذ سنكون أسعد حالاً بعد أن نخرج من الدائرة الجهنمية الحالية، التي ندور داخلها مغمضي العيون مسلوبي الإرادة، تتقاذفنا تيارات القديم والجديد من دون أن تنجز شيئاً، يتمثل جل جهدنا في السير فوق أحبال التوازنات الدقيقة، ولن نجد أنفسنا، كما كتب يوسف الخال، نعيش ذلك التناقض المؤلم بين كوننا شكلاً في العالم الحديث، وكوننا جوهراً من خارجه تناقضاً، يضطرنا إلى معاناة قضايا مجتمع قديم في عالم حديث.
وهكذا تعيدنا كلمات الخال إلى النقطة الثابتة التي تثير الجدل عند سبعينيات القرن الماضي على الأقل، وهي الحداثة العربية وما بعد الحداثة.. بالطبع – وعلاقتنا بهما، لكن هذا موضوع آخر يحتاج منا إلى وقفة متانية.
ماذا حدث؟ وأين أخطأنا؟
ما الذي أوصلنا إلى ذلك الشرخ وذلك الفصام المؤلمين؟ ماذا حدث حتى وصل البعض منا في انبهاره بالغرب والثقافة الغربية إلى درجة العماء الكامل، الذي أفقدهم القدرة على الاختلاف ما الذي حدث حتى وصل البعض، وسط انبهارهم بالعقل الغربي وإنجازاته إلى درجة احتقار العقل العربي وإنجازاته؟
إن الإجابة لا تكمن، كما قد يتبادر إلى أذهان البعض ممن ينشدون إجابة سهلة، في الحداثة أو ما بعد الحداثة أو في الاثنين معاً على الأقل لم تكن الحداثة نقطة بداية الشرخ بل كانت مرحلة متأخرة يرى البعض أنها بدأت بعد نكسة ١٩٦٧، ثم أصبحت تياراً قوياً عالي الصوت مع صدور مجلة فصول المصرية في بداية الثمانينيات، والواقع أن الحداثة وما بعدها كانتا نتيجة ولم تكونا سبباً.
صحيح أنهما تمثلان ذروة الارتماء في أحضان الثقافة الغربية، لكنها ذروة سبقتها عملية اتجاه واعية ومدركة نحو الغرب وثقافته، بدأت في أثناء حكم محمد علي، وتمثلت في تحديث التعليم وابتعاث الشباب إلى أوروبا.
وعلى الرغم من أن تحديث التعليم الذي حققه محمد علي كان تحديثاً موظفاً ومقيداً؛ لأنه ركز على التعليم الصناعي ليوظفه في إنشاء صناعات عسكرية تشبع احتياجات القوة العسكرية التي خطط لتأسيسها، حتى يحقق أحلامه في إنشاء إمبراطورية خاصة به، أو على الأقل في تحقيق الاستقلال النهائي عن سلطة الباب العالي في الآستانة، وصحيح أن نظام التعليم الحديث الذي أدخله محمد علي بدأ في التراجع تدريجياً، بعد هزيمته وتدمير أسطوله البحري، ثم في عهد أبنائه من بعده.
هذا كله مع ما هو كائن الآن يدل يقينا أننا مازلنا نستهلك الحداثة وما بعدها ولسنا قريبين منها أبداً.
وقد عرى ذلك العالم الأزرق الذي دل على سطحية تفكيرنا وعدم القدرة على إنجاز حداثتنا الخاصة بنا والنابعة من مجتمعنا وتطورنا.

آخر الأخبار
عثمان لـ"الثورة": توفير القمح بالتعاون مع العراق مستمر دير الزور.. منظمات مانحة تدعم تنفيذ مشاريع المياه خطوط الصرف الصحي خارج الخدمة في الحسينية.. والبلدية تعمل على الحل انتقادات مصرية لمطالبات ترامب بشأن قناة السويس الفاعل مجهول.. تكرار سرقة مراكز تحويل الكهرباء في "عرطوز والفضل" Shafaq News : مؤتمر للأكراد لصياغة موقف موحد لمستقبل سوري دمشق وبغداد.. نحو مبدأ "علاقة إستراتيجية جديدة" "الأونروا": نفاد إمدادات الطحين من غزة الاحتلال يقتل 15 صحفياً فلسطينياً بأقل من 4 أشهر درعا: مناقشة خطط زراعة البطاطا في المحافظة خطة لدعم التجارة الخارجية وإرساء اقتصاد السوق الحر في ظلّ تداولات وهمية.. سعيد لـ"الثورة": وضع إطار تشريعي للتعامل بـ"الفوركس" الفنادق التراثية.. تجربة مشوقة للإقامة داخل المدن القديمة "مياه دمشق وريفها" تقرع جرس الإنذار وترفع حالة الطوارئ "طرطوس" 20 بالمئة إسطوانات الغاز التالفة "نيويورك تايمز" ترجح أن يكون "وقود صاروخي" سبب الانفجار في ميناء إيراني تطوير خدمات بلديات قرى بانياس وصافيتا "صحة درعا".. أكثر من 293 ألف خدمة خلال الربع الأول هل تُواجه إيران مصير أوكرانيا؟ نمذجة معلومات البناء(BIM) في عمليات إعادة إعمار سوريا