الثورة – علا محمد:
تعد الأحلام تجربة تتجاوز حدود الوعي اليومي، وتتحول إلى قصص يعيشها العقل في عالم غير محدود، في لحظات نومنا نكتشف أبعاداً جديدة من أنفسنا، تمتزج المشاعر والرغبات والأفكار بطرق غير متوقعة.
كم تساءلنا عن الرسائل التي تحملها مناماتنا!؟ فمن الواضح أن هناك قصة تكمن وراء كل حلم تدعونا للتفكير والتأمل في معانيها وتأثيراتها وفهمها، ويمكن أن تفتح لنا أبواباً لفهم ذاتنا وتعزيز صحتنا النفسية، فالأحلام كما وصفتها الاختصاصية النفسية غالية اسعيد لـ”الثورة”، هي من المواضيع المعقدة التي تكشف لنا جوانب غامضة عن أنفسنا وعقولنا فهي في علم النفس ظاهرة نفسية يعيشها الإنسان خلال النوم، تُعرض عليه صور وأحداث قد تكون واقعية أو خيالية، تأتي بأشكال واضحة أو رمزية لتمثل وسيلة للتفاعل مع الأفكار والمشاعر المختزنة داخل العقل الباطن، ولعل الأمر الأكثر أهمية أن هذه الأحلام تتيح لنا فهماً أعمق لأنفسنا حيث تفتح لنا مجالاً لمراجعة مشاعرنا وتساعدنا على التعامل مع ضغوط الحياة وقد تكون وسيلة للتعبير عن التوترات والضغوط النفسية ما يساهم في تخفيف التوتر.
وبحسب الدكتورة اسعيد فإن الحلم (المنام) له تأثير على نفسية أي شخص لدرجة كبيرة إلى حد ما، بالرغم من أنه غير واقع وذلك بحسب نوعه فإن كان إيجابياً أو ساراً يترك شعوراً بالراحة والفرح وغالباً ما يعكس الأمل والرغبة أو الطموح إذ نجد أن هذا الحلم قد ساهم في تحسين المزاج وتعزيز الشعور بالرضا.
أما الكوابيس فهي أحلام مزعجة تثير الخوف والقلق وغالباً ما تنجم عن ضغوط نفسية أو تجارب صادمة وتترك آثاراً نفسية مثل الشعور بالتوتر والخوف لفترة بعد الاستيقاظ.
والمثير أكثر أن هناك نوعاً من الأحلام يدعى “الأحلام الواضحة”، تقول الدكتورة اسعيد: إن في هذا النوع يدرك الشخص أنه يحلم ويكون واعياً لدرجة تجعله يتحكم جزئياً في مجريات الحلم.
هذا النوع من الأحلام يصل إليه بعض الأشخاص عن طريق التدريب ويكون لها دور في تعزيز الوعي الذاتي وقدرة الفرد على السيطرة على أفكاره، فقد أثبتت بعض الدراسات أن للأحلام دوراً في تقوية الذاكرة وتثبيت المعلومات فالدماغ أثناء النوم يعيد ترتيب الأفكار ويعزز الذكريات ما يساهم في عملية التعلم.
– التفسير الصحيح..
وفيما يتعلق بتفسير الأحلام وقدرة بعض الأشخاص على التفسير الصحيح بينت اسعيد أن هناك نظريات قديمة مثل نظرية فرويد ترى أن الأحلام وسيلة يعبر بها العقل على الرغبات المكبوتة أو الصراعات الداخلية، وجاءت الدراسات الحديثة لتشير إلى أن الأحلام قد تكون جزءاً من عملية معالجة المعلومات وتنظيم الذكريات، ويقوم العقل بفرز الأحداث والمشاعر التي مر بها الشخص خلال اليوم، وهناك بعض الأشخاص لديهم حدس قوي يمكنهم من تفسير أحلامهم بطريقة تتماشى مع واقعهم وقد يعود ذلك إلى قدرتهم الكبيرة على الملاحظة أو توقع الأحداث بناء على تجاربهم الحياتية مستعينين برموز شائعة تظهر في الأحلام ويعتبر لها تفسيرات معينة مثل الطيران أو السقوط وهذه الرموز قد تعكس مشاعر أو حالات نفسية مشتركة بين البشر.
ختاماً.. كل حلم له معنى، ويمكن أن نستخدمه كأداة لفهم تجربتنا الإنسانية من خلال تحليل المنامات ما يساعدنا بالتعرف على أنفسنا بشكل أفضل.
