الثورة – منذر عيد:
أربعون يوما من العدوان الصهيوني البري على لبنان، عجز من خلالها جيش الاحتلال الإسرائيلي من التثبيت ولو على أمتار قليلة من الحافة الأمامية للحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان، وجل ما أنجزه جنود الاحتلال هناك في بنت جبيل وعيترون والخيام وكفركلا ووو، هو تدمير المنازل والبنى التحتية والتقاط الصور، في مقابل صمود المقاومة اللبنانية، وتطوير هجومها الصاروخي باتجاه عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة بدقة إصابة كبيرة وتجاوز منظومات الدفاع الصهيونية، بعد أن حافظت على سيطرتها بالنار على جميع مناطق الشمال الفلسطيني.
أمام هذه الصورة، وما أفرزته مجريات الميدان من عجز إسرائيلي على تحقيق أي هدف من أهداف العدوان والمتمثلة بإعادة مستوطني شمال فلسطين المحتلة إلى مستوطناتهم، وبتنفيذ توغل بري محدود لتدمير بنية حزب الله، ودفع مقاتليه إلى شمال نهر الليطاني، لم يكن أمام رئيس وزراء الكيان من حل سوى الإعلان عن قرب انتهاء العمليات العسكرية في لبنان، ليشكل ذلك بشكل غير مباشر إعلان هزيمة مدوية لجيش الاحتلال.
هزيمة الكيان غير المباشرة أكدتها صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية بقولها، إنه على الرغم من مزاعم المسؤولين في الكيان الإسرائيلي بأنهم نجحوا في إضعاف البنية القيادية لحزب الله، وقتل الآلاف من عناصره، وتفكيك بنيته التحتية على طول الحدود، فإن جنود جيش الاحتلال على الأرض يقولون إن حزب اللـه لايزال يقاوم، ويميل مقاتلوه إلى استخدام تكتيكات حرب العصابات، وهو أحد أساليب الحرب التي يتدربون عليها، ويستعدون من خلاله لإلحاق الخسائر بالإسرائيليين وإبقاء الحرب مستمرة.
رغم تهليل نتنياهو لفوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، إلا أنه على ما يبدو، فإن الأول لا يأمن جانب الثاني، في الضغط لإنهاء العدوان على قطاع غزة ولبنان، خاصة مع إعلان ترامب نيته إنهاء جميع الحروب في المنطقة، وهو ما قد يدفع بالإسرائيلي إلى الإقدام على خطوة استباقية تحفظ له “ماء الوجه” غير الموجود أصلا، عبر الإعلان عن “نصر”، وإيقاف العدوان بمزاعم تحقيق الأهداف، مع العمل على ما يمكن عمله والحصول عليه عبر المفاوضات غير المباشرة مع حزب الله، خاصة مع الحديث حاليا عن تحرك قريب للموفد الأمريكي أموس هوكشتاين إلى المنطقة، وعزم إدارة الرئيس جو بايدن الظفر بإنجاز قبل نهاية ولايته وهو وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
بعيدا عن جميع الخطط والقرارات الإسرائيلية، والمتوقع من قدوم ترامب، فإن الحقيقة تؤكد أن الكلمة الفيصل في إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان هي للميدان وصمود المقاومة، وعليه فإن صراخ الكيان من ضربات المقاومة، سوف تجعله يقر بفشله، ولو بشكل غير مباشر، وستدفع به إلى الذهاب صاغرا إلى اتفاق، والعودة بسلة خاوية من عدوانه في المنطقة.