الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
عندما تلقت المحامية في مجال حقوق الإنسان نورا غازي نبأ فرار بشار الأسد من سوريا في أوائل كانون الأول، أصيبت بالصدمة.
فقد كان النظام هو الذي أملى شروط حياة أسرتها منذ أن كانت تستطيع تذكر ذلك، فعندما كانت في الخامسة من عمرها فقط، سجن النظام والدها بسبب نشاطه العمالي.
وبدوره، اعتُقل زوجها خلال السنوات الأولى من الحرب السورية، وعلمت فيما بعد أن حكومة الأسد أعدمت زوجها في السجن، والآن رحل الأسد.
عندما دخلت هيئة تحرير الشام إلى دمشق الشهر الماضي، فتحوا أبواب السجون، مما سمح لآلاف السوريين بالخروج أحراراً. ابتهج المفرج عنهم من سجن صيدنايا، أو السجون في مدن مثل حمص، في ضوء النهار من خلال الصور المتداولة على نطاق واسع عبر الانترنت. وقد أدى انتشار المعلومات المضللة حول المفقودين عبر الانترنت إلى تعقيد الأخبار الطيبة.
تمثل منظمة نورا غازي Nophotozone ، التي شاركت في تأسيسها مع زوجها الراحل باسل خرطبيل صفدي، 3500 عائلة سورية اعتقل أحباؤها تعسفياً من قبل حكومة الأسد.
وتشير التقديرات إلى أن 150 ألف شخص اختفوا داخل نظام السجون السوري طوال الحرب السورية.
ومع بقاء غالبية أفراد عائلات عملائها في عداد المفقودين، أمضت غازي وزملاؤها الشهر الماضي، عبر العديد من الليالي بلا نوم، في البحث عنهم وتقديم الرعاية الطبية للأفراد المفرج عنهم حديثاً.
وفي الوقت نفسه الذي تعمل فيه على تحديد مكان الأحياء، تعمل منظمتها جاهدة على الحفاظ على الوثائق التي تم اكتشافها مؤخراً، والتي كانت محفوظة سابقًا تحت القفل والمفتاح، والتي استخدمها نظام الأسد لتسجيل انتهاكاته.
ومع بدء البلاد في إعادة بناء وتشكيل حكومتها الجديدة بعد أكثر من 50 عاماً من الدكتاتورية، كانت غازي، ومن خلال منظمة “نوفوتوزون”، صريحة في تأكيدها على ضرورة الحفاظ على الوثائق الحكومية وانتقدت سوء التعامل مع الوثائق في مرافق السجون، مما يعوق الجهود الرامية إلى تحديد أماكن المفقودين.
وفي الشهر الماضي، نشرت مقطع فيديو من سجن صيدنايا يظهر أفراداً يخطون على أكوام من الوثائق المتناثرة على الأرض، داعية السلطات والمجموعات الدولية إلى التدخل.
ومنذ ذلك الحين، دخلت منظمتها في اتفاق مع هيئة تحرير الشام وتعمل مع الحكومة المؤقتة للمساعدة في الحفاظ على الوثائق المتبقية ومشاركتها مع الهيئات الدولية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقال حسام النحاس، وهو طبيب سوري وباحث في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، إنه يأمل أن يعطي النظام القضائي الجديد في سوريا الأولوية للعدالة الانتقالية، باستخدام الأدلة التي قضى هو وآخرون سنوات في جمعها والأدلة الجديدة التي بدأت تظهر بالفعل.
والنحاس نفسه هو أحد الناجين من انتهاكات حقوق الإنسان، فبينما كان طالباً في كلية الطب، كان جزءاً من مجموعة من المتطوعين في حلب الذين عالجوا المتظاهرين المناهضين للأسد الذين أصيبوا أثناء المظاهرات.
وفي سوريا، بدأت المقابر الجماعية في الظهور في مختلف أنحاء البلاد، ومع افتتاح مشرحة حكومية، بدأ الأفراد ومنظمات المجتمع المدني السوري بسرعة في استخراج الجثث والبحث في أكياس الجثث على أمل تحديد مكان أقاربهم.
والآن تحذر نورا غازي ومنظمات المجتمع المدني من أن جهود البحث المتسرعة قد تلحق الضرر بالأدلة، ودعوا الناس داخل سوريا إلى الحفاظ على مثل هذه المواقع حتى يتسنى إجراء الفحص الجنائي والحفر.
وبينما تواصل نورا غازي مساعدة الأسر على أمل لم شملها بأقاربها المفقودين، يحاول كثيرون آخرون أيضاً تأكيد وفاتهم، أو استعادة رفاتهم. وبالنسبة لأسر المفقودين، قد يكون دفن الموتى الخطوة الأولى نحو تحقيق العدالة.
المصدر – The Intercept
#صحيفة_الثورة