الثورة- رولا عيسى:
تبرز الحاجة في هذه المرحلة إلى دعائم وركائز أساسية للانتقال إلى اقتصاد قوي، وهذا ما ركز عليه الرئيس أحمد الشرع في خطابه الأخير، مؤكداً على أهمية استعادة سوريا لمكانتها الإقليمية والدولية.
– التضخم والركود:
واستكمالاً لما بدأته صحيفة الثورة في لقائها مع المستشار والخبير المصرفي عامر شهدا حول هذا المحور والملف الأهم اقتصادياً، حيث تابع حديثه للصحيفة بالقول: المشكلات التي تواجه الاقتصاد المحلي متعددة، وعلى رأس القائمة مشكلة التضخم والركود الاقتصادي وصولاً إلى الكساد التضخمي، وهذه المشاكل كلها أدت إلى تراجع مجموعة من القطاعات الاقتصادية الهامة التي كانت رافعة للاقتصاد السوري، مثل القطاع الزراعي، والسياحي، اما بالنسبة للقطاع التجاري فقد توجه للأعمال الاستثرائية وليس التنموية، من خلال المضاربة على الليرة السورية، مستغلا بذلك التحالفات التي كانت موجودة ما بين الجهات الرسمية وجماعات المصالح، كل ذلك أدى إلى مجموعة من الانهيارات في القطاعات الاقتصادية المختلفة في سوريا، وهذه النهيارات عظمت من إضعاف القوة الشرائية لليرة السورية، وإضعاف المستوى المعيشي للمواطن.
– تراجع موارد الدولة:
وبحسب شهدا- فان اخفاقات السياسات الاقتصادية والماليه والنقدية ادت الى تراجع موارد الدولة وخلت خزائنها من الأموال، مما أدى إلى إضعاف التمكين المالي للحكومة، لنصل إلى مرحلة بل وصلنا لمرحلة الانهيار الاقتصادي، وعليه فأن هذا التوصيف ضروري، كي لا نحمل مسؤولية ذلك للحكومة الجديدة التي افرزتها الثورة وتحرير سورية .
اليوم النهوض بالاقتصاد الوطني وإرساء دعائمه يلزمه خبرات على معرفة عميقة بتاريخ الاقتصاد السوري بكل قطاعاته، لتتمكن من وضع حلول أو رؤية للمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد.
سوء توزيع الاستثمارات
ويعتبر المستشار والخبير المصرفي أن الاقتصاد المحلي عانى ولايزال يعاني من سوء توزيع الاستثمارات على مختلف القطاعات الاقتصادية، وهذا مؤشر على أن الاقتصاد أو القائمين على إدارته في ذلك الحين ليس لديهم سياسات قطاعية واضحة بحيث تصيب كل القطاعات الاقتصادية الموجودة بسوريا، إن كان على مستوى الدعم أو كان على مستوى التمويل أو كان على مستوى الاستثمار والانتاج، وعليه فالافتقار لهذه السياسات أدى أيضاً إلى خلل عميق في البنية الاقتصادية.
– صعوبة عالية:
ويشير إلى أن الجميع مدرك اليوم لوجود صعوبة عالية جداً في هذا الوقت بالذات، على اعتبار أن سوريا قبل انتصار الثورة كانت دخلت في موضوع رفع الدعم ووضعت رؤية للخصخصة ، الا ان القائمين على ذلك ليس لديهم الخبرة للخوض بمثل هذه السياسات ما تتطلبه من تحضيرات . فعلى سبيل المثاب . رفع الدعم افضى إلى انخفاض مفاجئ بالمستوى المعيشي وارتفاع بأسعار المنتجات، وأغلبها المنتجات الأساسية والوطنيه . ترافق ذلك مع هبوط قدرة الدخل على الستهلاك ، فأنخفض مستوى الطلب العام على السلع، مما أدى إلى حدوث ركود اقتصادي، إضافة إلى ارتفاع عام في مستويات التكلفة التي أدت إلى ارتفاع أسعار المنتجات وانخفاض كميات التصدير، وكل ذلك تسبب بحدوث خلل هيكلي في مستوى الدخل بين الأفراد، وازدياد حدة الفقر وزيادة معدلات الفساد، والبطالة وازدياد الارتدادات الاجتماعية السلبية، مؤكداً أننا اليوم نعيش الآثار السلبية لرفع الدعم، ويجب معالجتها من خلال تحمل الدولة لجزء ، وتحميل الجزء الآخرللمواطن.
– البطالة المقنعة:
ولفت إلى أن الدولة بدأت بمعالجة موضوع البطالة المقنعة وهذه المشكلة عانت منها مختلف القطاعات ووصلت بالنتيجة للانهيار، ولو أن مؤسسات القطاع العام رابحة، ما كانت الحكومة أو الدولة خطت أي خطوة باتجاه معالجة البطالة المقنعة الموجودة بالمؤسسات، فإما معالجة البطالة المقنعة وإما الاقتصاد سيذهب إلى الشلل، وإغلاق اغلب المؤسسات الحكومية، وبالتالي مصير كامل العمال سيكون واحد(دون عمل)، وهذا ما يؤكد أهمية المفاضلة في الحاجة للعمالة وإعادة توزيعها بشكل صحيح، وهذا الاجراء سيفضي الى رفع التمكين المالي الحكومي وهذا ما كان مطروحاً سابقاً قبل التحرير، وليس جديداً وكان وقتها معظم المختصين والخبراء الاقتصاديين على علم أن خزينة الدولة فارغة، لذلك دعونا الحكومة لموضوع التمكين المالي.
على المدى الطويل
وعن الآثار الايجابية لإعادة توزيع العمالة ورفع الدعم، بيَّن شهدا أننا لن نلمس على المدى القصير النتائج، لكن رفع الدعم ضروري من اجل احداث فائض مفاجئ بالموازنة العامة، مما سيدفع الدولة إلى تمويل مشاريع خدمية، وبدورها ستؤدي إلى خلق فرص عمل، وبذلك يتم العمل على امتصاص البطالة من السوق، و عودة التشغيل، وعودة الإنتاج، إضافة الى
ارتفاع مؤقت في سعر الصرف
ويشير المستشار والخبير المصرفي في حديثه ل”الثورة” إلى أنه بالتأكيد سيكون هنالك ارتفاع مؤقت في أسعار صرف العملة المحلية، وارتفاع التصنيف الائتماني السيادي للدولة، بسبب توازن الموازنة العامة، ومن المعروف أن التصنيف السيادي للدولة ضعيفة جداً، فاليوم سوريا غير متمكنة من الحصول على قروض لهذا من الضروري جدا رف التصنيف الائتماني السيادي للدولة ، من اجل حصولها على القروض اضافة للمساعدات مع الاشارة الى انه ليس من الضروري ان تكون القروض من صندوق النقد الدولي، ويمكن أن تكون على شكل صناديق استثمارية عربية، ومثال على ذلك صندوق الاستثمار الكويتي في سوريا في التسعينات من القرن الماضي، حيث كان داعماً كبيراً لعمليات تمويل الاستيراد والتصدير وللتجار، إضافة إلى ما يسمى صندوق الاستثمار الأوروبي، الذي داعماُ لموضوع إنشاء مشاريع اقتصادية واستثمارية، فما يشجع على أنشاء هذه الصناديق هو التصنيف الائتماني السيادي للدولة.
#صحيفة_الثورة