الثورة – ديب علي حسن:
مضى شهر ونيف على انتصار الدم على السيف، وهدم عرش الظلم والطغيان بعد أربعة عشر سنة من العمل الدؤوب والنضال من أجل الغد الحر الكريم.
خلال هذه الفترة كان المشهد السوري هو سيد الرسالة الإعلامية في العالم كله.
تارة يزداد حضوره بما له وعليه وتارة أخرى يخبو قليلاً، لكنه يعود إلى الواجهة.
إلى أن كان الحدث المفصل بانتصار الثورة، وها قد مضى شهر ونيف على الأمر فما الذي حدث، وماذا يمكن أن نقرأ من ملامح خلال هذه الفترة، ولاسيما أن المجتمعات تظهر كل ما فيها عند الأحداث الكبرى.
حقيقة إن المتابع لما جرى يقف مندهشاً أمام عظمة المجتمع السوري الحقيقي الذي تعرض لضغوطات هائلة، ومع ذلك كان الصبر معدنه الأصيل وكانت روح الأصالة هويته التي عبر من خلالها إلى الغد.
صحيح أن الكثيرين راهنوا على الفوضى التي خططوا لها لكن كسر سلاح الخوف كان صمام الأمان الذي ساد كل الجغرافيا السورية، وكان العبور آمنا سليماً هادفاً زارعاً المحبة والأمل.
وفي الملمح الثاني الذي لم يفهمه الكثيرون ممن لا يعرفون جوهر الإنسان السوري هو الالتفاف الكبير حول الثورة التي عبرت إلى أن تكون إرادة بناء الدولة.
هذا الالتفاف يجب أن يفهم من خلال جوهر الإنسان السوري المترع بهوية الأصالة والحداثة والقيم، فالسوري أينما كان وأينما حل يؤمن بالدولة والمؤسسات ويؤمن بالعمل الحقيقي الذي يبني يزرع الأمل ويمضي نحو الغد، يثق أن التضحيات يجب أن تؤتي ثمارها.
وهذا الالتفاف حول القيادة الجديدة هو برنامج ثقة بالغد وعمل لمحو صفحات الظلم التي كانت، وهذا يعني أن الغد هو للعمل وليس للانتقام وإلقاء التهم مع الإبقاء على ضرورة إقامة العدالة على كل ظالم ومستبد.
والمظهر الثالث فيما حدث أن الجميع إن كان في عمله يمضي إليه بثقة أكبر وإيمان أنه سوف ينجز الكثير، ناهيك عن الكثير من الانفراجات التي حدثت في توفر الكثير من السلع وانخفاض أسعارها مع الإشارة إلى وجود بعض المنغصات، وهي من طبيعة سير المجتمعات بحالتها الطبيعية فكيف بحالها وهي تعبر من مرحلة إلى أخرى.
ويمكن الحديث عن ممانعة اجتماعية وصلابة اجتماعية صلبة قوية أمام الغزو الإعلامي الذي يصب في الكثير منه في جانب فتنوي، لكنه عجز عن تحقيق أهدافه وسيبقى عاجزاً، ولاسيما أن الأمن والأمان والعدالة الاجتماعية تترسخ كل يوم وتظهر ملامح سورية العربية التي استعادت وجهها العربي، وقد شهدنا خلال الأيام الماضية هذا التفاعل العربي مع دمشق التي تعطي العروبة معناها.
باختصار: لقد استطاع الشعب السوري أن ينتصر على القهر، وأظهر جوهره الحقيقي الإنساني في أحلك المراحل، وهذا الالتفاف حول القيادة الجديدة لبناء الغد لا يقرأ إلا من هوية الإنسان السوري المؤمن بدولته القوية وبغده، المؤمن بالعدالة، الذي يكره الظلم لأنه ابن الحضارة، و الأمل والعمل وليس لأي أمر آخر.
#صحيفة_الثورة