الثورة – أيدا المولي:
لم يكتف النظام السابق بالمجزرة التي حدثت في 2 شباط ولغاية 27 يوماً، بل استمر لسنوات متتالية يهدد بالقتل، ففي تمام الساعة الرابعة عصراً من عام 1985وصلت إلى مدينتي سلمية قادمة من مدينة مصياف، وإذ بصديقتي خلود تتصل عبر الهاتف الأرضي لتطمئن عن وصولي إلى البيت، حيث أنه وقعت تفجيرات في كراج حماة ذهب ضحيتها عشرات المواطنين، وقد استمرت هذه الأحداث إمعاناً بالعنف وتجذيراً للغة البطش والحكم بقوة السلاح من قبل النظام البائد.
استمرت المجزرة 27 يوماً
كثير من الشهداء الذين ذهبوا ضحية المجزرة مخلفين وراءهم عائلات وأطفال كبروا من دون آباء منهم الشهيد مصطفى ياغي الذي قتل في المجزرة دون ذنب، عندما كان ذاهباً إلى دوامه اليومي شأنه شأن كثير من الموظفين ولم يستطع ذووه إحضار جثته إلا بعد 15 يوما بعد أن احتفظت الثلوج بالجثث المترامية في الطرقات.
في جريدة الفداء كان يتولى القسم الرياضي الأستاذ وحيد العظم، ولم يكن كبيراً في العمر، لكن شعره كان أبيض تماماً، سألت عن ذلك فقيل أنه أصيب بأزمة نفسية حادة عندما قتل النظام المجرم أخاه أمام عينيه، وحينها لم يكن يجرؤ على التحدث بأكثر من ذلك، فالخوف كان يمنع أي حديث، وهذا ما خطط له النظام حينها وهو كم الأفواه بالقمع وتدمير المدن.
حسين الشيحاوي نجا بأعجوبة بعد الهرب من إطلاق النار الكثيف وأصيب بعاهة دائمة في قدمه اليسرى ، ومنهم من فقد النطق بسبب رعونة القتل.
مسؤولة مكتب القبول في مستشفى حماة الوطني كاميليا بطرس روت لوكالة الصحافة الفرنسية شهادة تقول فيها: كانت الجثث تصل بالشاحنات وتلقيها القلابات على باب المشرحة وبحسب الأرقام التي وردت كان هناك 32 ألفاً من المدنيين، لكن اللجنة السورية لحقوق الإنسان قدرت عدد ضحايا مجزرة حماة بـ40 ألف قضى معظمهم بإعدامات جماعية رمياً بالرصاص من سكان حماة قضوا في المجزرة.
ذكريات مؤلمة
شهود العيان الذين مازالوا على قيد الحياة لم ينسوا هذه مشاهد رصف المعتقلين في منطقة الحاضر ومشي الدبابات عليهم وهم أحياء بعد مقتل طبيب العيون عمر الشيشكلي واقتلاع عينيه.
وفي حي الباشورة قامت فرق الإنزال الجوي برمي الأسيد على الأهالي في منشرة وحرقهم أحياء، وجمع أكثر من 700 شخص من الرجال والأطفال الذكور وقصفهم بالطيران ودفنهم في الملعب كمقبرة جماعية، وكان القتال استمر في حي البارودية 5 أيام وامتلأت الشوارع بالجثث بعد أن تم حصار المجموعة المقاتلة من قبل قوات النظام البائد وتصفيتهم بالكامل.
يقول علاء الدين الكيلاني: استهدفت قوات سرايا الدفاع والقوات الخاصة حي الشيخ الجيلاني بنيران المروحيات من دون توقف لمدة 20 يوماً تحول الحي على إثرها إلى ركام، مؤكداً نقلاً عن شهود عيان أن حماة تحتوي على 4 مقابر جماعية استخدمتها قوات النظام لدفن الضحايا كان أكبرها مقبرة سريحين.
توصيات قانونية
بعد انتصار ثورة الكرامة في 8 كانون الثاني لعام 2025، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بياناً تحت عنوان “العدالة المؤجلة” أكدت فيه ضرورة كشف الحقيقة حول مجزرة حماة 1982.
وأشار البيان إلى أنه طوال 43 عاماً بقيت مجزرة حماة طي النسيان من دون أي تحقيق رسمي أو كشف لمصير آلاف المختفين قسراً.
وأضاف البيان أنه مع بداية عهد جديد فإن فتح الملف المغلق بات ضرورة حتمية للحكومة السورية لتحقيق العدالة الانتقالية، معرباً عن أسفه إزاء تجاهل المجتمع الدولي وعدم توثيقه للجريمة رسمياً.
وأوضح البيان أن العدالة الانتقالية تهدف إلى كشف الحقيقة واستعادة الممتلكات وتعويض الأسر المتضررة وإنشاء صندوق تعويضي وطني يعتمد على الأصول المجمدة لمسؤولي النظام السابق والدعم الدولي وإيرادات الأصول غير الشرعية المصادرة.
#صحيفة_الثورة