إيجارات المنازل لم تعد تطاق.. مستأجرون لـ “الثورة”: وصلت إلى 500 دولار بدمشق شهرياً

 

الثورة – سومر الحنيش:
في شقة لا تتجاوز مساحتها ٧٠ متراً بقلب العاصمة دمشق، تعلو ضحكات أبناء آية، بينما تخفي هي دموعها خلف ابتسامة مكسورة قائلة: كل شهر نحذف صنفاً من قائمة الطعام لنمسك بدفتر الإيجار.
راتباها كمعلمة ووظيفتا زوجها بالكاد يغطيان ٤٥٠ دولاراً، بينما يبتلع المالك ٤٠٠ دولار شهرياً، وتضيف: أمامي خياران: إما أن أبيع ذهبي، أو أن أهجر أولادي إلى ريف دمشق.
ولابد من الإشارة إلى أنه لم يعد السكن في دمشق مجرد تحد اعتيادي، بل أصبح معركة يومية يخوضها المواطنون في ظل الارتفاع الجنوني لإيجارات المنازل هذه الأيام التي تجاوزت ٥٠٠ دولار شهرياً لمنزل بمساحة ٧٠ متراً وسط المدينة، وهو رقم يفوق قدرة معظم العائلات ويضعها أمام خيارات صعبة بين التقشف القاسي أو مغادرة العاصمة إلى الضواحي والأرياف.
أدفع راتبي بالكامل ولا يكفي للإيجار
كنت أعيش في شقة صغيرة بمنطقة المزة، وكان الإيجار قبل ثلاث سنوات ٧٠٠ ألف ليرة ما يعادل(١٥٠ دولاراً)، اليوم يطلب المالك ٤ ملايين ليرة، يعني حوالى ٤٠٠ دولار، كيف يمكنني تأمين هذا المبلغ؟، بهذه الكلمات يعبر خالد (42 عاماً)، وهو موظف قطاع خاص وأب لطفلين، عن معاناته مع أزمة الإيجارات، والذي أضاف: لا أستطيع الانتقال إلى مكان بعيد فعملي يتطلب مني الجهد الكبير، والذهاب إلى مكان بعيد سيكلفني ساعات طويلة في الانتقال إلى عملي.
ليس خالد وحده في هذا المأزق، فالكثير من العائلات اضطرت إلى مغادرة أحياء دمشق الأساسية إلى مناطق أبعد مثل صحنايا، جرمانا، وقدسيا، حيث لاتزال الأسعار أقل نسبيا، رغم أنها تشهد أيضا ارتفاعا مستمراً بسبب ازدياد الطلب، وقدوم السوريين بعد زوال النظام البائد.
في نهر عيشة، تعيش أم محمد (٥٥ عاماً) مع أسرتها المكونة من ١٠ أفراد في غرفتين متهالكتين، قائلة: تهجَّرنا منذ سنوات إلى دمشق، لكننا اليوم وقعنا في فخ الإيجار، إلى متى تبقى إيجارات المنازل على هوى صاحب العقار من دون رقابة المسؤولين، وفقاً لمفوضية اللاجئين، فإن ٤٠% من النازحين داخل سوريا يعيشون في مساكن غير آمنة، كالمخازن أو الأبنية المهجورة، حيث يهددهم التشرد مع كل ارتفاع جديد في الأسعار.
عندما يصبح المنزل سبباً للأمراض النفسية
القلق من طرد المالك، يطارده حتى في أحلامه، وفقاً لما يقوله الدكتور وائل الصالح، اختصاصي نفسي، مشيراً إلى تزايد حالات الاكتئاب بين المستأجرين.
سمر (٢٨ عاماً) أم لثلاثة أطفال، تقول: أطفالي يسألونني لماذا ننتقل كل عام؟ لا أعرف كيف أجيبهم.
ونذكر أنه في دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية عام ٢٠٢٣، كشفت أن ٨٠% من السوريين في المدن الكبرى يعانون اضطرابات نوم مرتبطة بضغوط الإيجار.
والسؤال: ما الذي يحدث؟ لماذا هذا الارتفاع الجنوني؟
تشير الدراسات إلى أن أزمة الإيجارات مرتبطة بعدة عوامل متشابكة، أبرزها: “دولرة” الإيجارات فبسبب التضخم الحاد، بات معظم أصحاب العقارات يطلبون الإيجار بالدولار، ما جعل الأسعار غير واقعية بالنسبة لمن يتقاضى راتبه بالليرة.
ناهيك عن ارتفاع الطلب مقابل العرض المحدود، فمع تراجع عمليات البناء وعدم توفر مساكن جديدة، تفوق الحاجة الفعلية القدرة الاستيعابية للعقارات المتاحة.
إضافة إلى تحول العقارات إلى استثمار مربح فيرى الكثيرون أن العقارات وسيلة للحفاظ على رأس المال، مما أدى إلى احتكار بعض المستثمرين للقطاع ورفع الأسعار بلا ضوابط.
أيضاً الهجرة نحو دمشق بعد زوال النظام البائد الذي كان يحرم الناس الدخول إلى بلادهم، ازداد الطلب على السكن في العاصمة، ما زاد من الضغط على السوق العقارية.
يقول أحمد جمعة- صاحب مكتب عقاري: اليوم الإقبال على دمشق كبير جداً والعديد من العوائل أتت من كل بلاد العالم لرؤية عوائلها، هذا الأمر جعل أصحاب العقارات يرفعون أسعارهم إلى الضعف في أقل من شهرين، ودون أن يناقشوا بالأسعار، فكل يسعر على هواه.
ويضيف: إذا أردت أن تستأجر منزلاً مؤلفاً من غرفتين وصالون عليك أن تدفع ٦٠٠٠ دولار سنوياً، سواء كنت في المزة أم البرامكة أم المزرعة أو أغلب مناطق دمشق.
نعود لنسأل.. هل هناك حلول؟ أم أن الأزمة بلا مخرج؟..
في ظل غياب قوانين واضحة تضبط أسعار الإيجارات، لايزال المستأجر الطرف الأضعف في هذه المعادلة، حيث يواجه ارتفاعا غير مبرر دون أي دعم حكومي لحماية حقوقه.
وثمة مقترحات لحلول قد تساعد في تخفيف الأزمة، مثل: تحديد سقف للإيجارات وفقاً للموقع والخدمات المقدمة، مع فرض رقابة على عمليات “الدولرة”.
ومن المقترحات أيضاً تشجيع مشاريع الإسكان الاجتماعي لزيادة المعروض من المنازل بأسعار مناسبة، وتقديم تسهيلات ائتمانية للمواطنين لتمكينهم من امتلاك منازل بدلاً من البقاء في دوامة الإيجارات المرتفعة.
الإيجارات إلى أين؟

مع استمرار الأزمة الاقتصادية، يبدو أن أسعار الإيجارات مرشحة للارتفاع أكثر، مما قد يدفع المزيد من العائلات إلى البحث عن بدائل خارج العاصمة، أو حتى العيش في ظروف صعبة داخل منازل غير ملائمة.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
شهادة من قلب المأساة.. ابن حماة الإعلامي في "صحيفتنا" حازم شعار لـ"الثورة": سرايا رفعت الأسد أعدمت 5... محامون لـ"الثورة": مجلس تشريعي مؤقت وسلطة مستقلة للقضاء الرؤية الاقتصادية في خطاب الرئيس الشرع بارقة أمل.. طلاب من جامعة اللاذقية لـ"الثورة": كلمة الرئيس برنامج عمل بفضل الله وتضحيات المعذبين تحررنا من السويداء.. مواطنون لـ "الثورة": كخادم لا كحاكم كلمة تختصر الكثير عناوين المرحلة بعيونهم.. طلاب وأساتذة جامعيون لـ "الثورة": الخطاب يمهِّد لبناء سوريا الغد كذبة الممر الإنساني.. "الثورة" ترصد أحداث مجزرة "شارع علي الوحش" في مخيم اليرموك.. و١٢٠٠ سوري وفلسطي... بعفوية وبساطة.. طمأن السوريين تجهيز أسواق للبسطات والإشغالات لتنظيمها في جبلة وثائق "القضاء العسكري" المحروقة والسرية شاهد حي على إجرام نظام الأسد آثار الدمار الهائلة في درعا شاهدة على حجم الإجرام لنظام قتل الإنسان وحقد على الشجر والحجر حي القابون شاهد على وحشية النظام البائد "BBC news": رئيس سوريا الجديد يتعهد لشعبه بالحفاظ على السلم الأهلي مهندسون ومحامون من طرطوس لـ"الثورة": الخطاب أسس للعبور الآمن صحيفة "الثورة" ترصد توثيق قادة العمليات لمرحلة تحرير سوريا.. من التشتت إلى توحيد الفصائل بوضوح.. المشاركة عنوان المرحلة الانتقالية البيض بوفرة وتصدير للفائض وانخفاض السعر بنسبة 50% حملة للقبض على تجار المخدرات والسلاح في قيطة وجدية شمال درعا خطة لزراعة 600 ألف غرسة حراجية في تل الحارة