الثورة – رفاه الدروبي:
“الموزاييك” مصطلح لاتيني يُطلق على فن تطعيم الخشب، والحفر عليه، وهو فن يدوي شامي أصيل، ارتبطت به كثير من أنماط العمارة الشامية، لذا يُطلقون عليه عميد جميع الفنون اليدوية، لأنَّ الحرفة تعتمد على زخرفة الخشب لإنتاج أعمال متنوِّعة للعرض والزينة.
الحرفي فؤاد عربش أشار لـ”الثورة” إلى انتشار مهنته في أحياء دمشق القديمة، وخاصة في حيي باب شرقي وباب توما، وتعود أسباب تركُّز المهنة في الحيَّين إلى مبتكرها جورج جبرائيل البيطار عام ١٨٦٠م، حيث تعلَّم عربش أصول المهنة من أحفاد البيطار عندما كان في العقد الثاني من عمره، ودأب في حرفته حتى امتلك مشغلاً في المنطقة ذاتها عام ١٩٧٥م، وراح يعلمها للأهالي بعد أن لاقت إعجاباً على المستويين المحلي والعالمي، لافتاً إلى أنَّ المهنة تتركَّز في منطقتي دمشق وريفها حيث ازداد عدد الحرفيين في “الغوطة الشرقية، جوبر، عربين، جسرين، جرمانا، سقبا”، والأسباب تعود لتوفُّر المادة الأوليَّة من الأخشاب المتنوِّعة.
الحرفي عربش أكَّد أنَّه لا يزال يمارس الحرفة بشغف، معتمداً على العمل اليدوي أكثر من الآلات الكهربائيَّة رغم أنَّها توفِّر سرعة العمل وتطوره وزيادة إنتاجه، مبيِّناً أنَّ إبداعه في المهنة مكَّنه من الحصول على جائزة المركز الأول لفن الموزاييك من بين ٣٣ دولة في الهند عام ٢٠١٥م.
قدَّم الحرفي عربش شرحاً عن كيفية استخدام “الموزاييك”، حيث يتمُّ العمل بترتيب عيدان الأخشاب المؤلفة من الجوز بلونه البني، إلى جانب الليمون الممتاز بلونه الأصفر، والكينا بالخمري الفاتح، ثم يتمُّ إدخال عيدان المشمش الفتي الكريمي الفاتح والسرو بلونه البني المخلوط بالأحمر، إضافة إلى الحور بالأبيض، وبعض الأخشاب يتمُّ صبغها حتى يصبح لونها أسود من الداخل والخارج، حيث تُغلى وتُخلط مع قشر الرمان كي يتشرَّب الخشب اللون لكل مساماته، مشيراً إلى لصق الألوان إلى جانب بعضها وفق أشكال هندسيَّة ومثلثيَّة ومربَّعة ومسدَّسة ومثمَّنة ومضاعفاتها تقصُّ على شكل شرائح ذات سماكات رقيقة ١مم، ويتمُّ لصقها على القطع الخشبية، وتحفر وتُطعَّم بالصدف وتُنظَّف وتُنعَّم وتدهن القطع بزيت خاص للأخشاب، وفوقها مادة شفَّافة تدعى “الكماليكا” لتعطي لمعاناً وبريقاً ثمَّ تُحفظ القطع من الرطوبة.
#صحيفة_الثورة