الثورة – غصون سليمان:
اتسمت ورشة العمل الحوارية التي حملت عنوان “رؤى شبابية لتطوير التعليم وربطه بسوق العمل”، التي أقامها فريق الباحثين التربويين في مركز سند التنموي بمنطقة العفيف، بغنى موضوعاتها ونقاشاتها المثمرة في خمسة محاور على مدار جلستين، الأولى مع مديرين مؤسسين لجمعيات ومؤسسات ودكاترة من عدة اختصاصات، والثانية مع طلبة التعليم الجامعي من اختصاصات متعددة منهم خريجين وطلبة سنوات إجازة، حيث كل عضو من الفريق محور مع الفئات المستهدفة.
وفيما يخص البحث المقدم حول تحديث المناهج الدراسية لمواكبة متطلبات سوق العمل بينت الدكتورة نبال الملقي في لقاء لـ”الثورة” أهمية إلقاء الضوء على واقع التطور العالمي، ويشهد سوق العمل تغيرات متسارعة بفعل التطورات التكنولوجية والتحولات الاقتصادية، مما يفرض على المؤسسات التعليمية ضرورة إعادة النظر في مناهجها لضمان إعداد خريجين قادرين على مواكبة هذه التغيرات.
تنمية التفكير النقدي
وذكرت أنه من خلال الندوة الحوارية مع مجموعة من طلاب التعليم الجامعي، تم التأكيد على أهمية تحديث المناهج الدراسية، من خلال التركيز على ثلاثة محاور رئيسة منها: تنمية مهارات القرن الواحد والعشرين، وتعزيز الجانب العملي والتطبيقي، وضمان المواءمة بين التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل.
وفيما يخص دمج مهارات القرن الواحد والعشرين في المناهج، أكد الطلاب أن المناهج الحالية تركز على الجانب النظري أكثر من المهارات العملية المطلوبة في بيئات العمل الحديثة، ولتجهيزهم لسوق العمل، من الضروري دمج مهارات مثل التفكير النقدي، والتواصل الفعال، وحل المشكلات، والعمل الجماعي في المقررات الدراسية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
التعلم القائم على المشروعات، حيث يتم تكليف الطلاب بمهام تحاكي التحديات الواقعية.
بينما التعلم القائم على المشكلات، يشجع الطلاب على البحث والتحليل للوصول إلى حلول إبداعية، كاستخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، ما يساعد في تقديم الدروس والمحاكاة.
تعزيز الجانب العملي والتطبيقي
وفي هذا الجانب توضح الدكتورة الملقي تأكيد المشاركين على أن أحد أكبر التحديات التي تواجه الخريجين هو نقص الخبرة العملية، مما يجعلهم أقل جاهزية لدخول سوق العمل.
وللتغلب على هذا التحدي، يجب: توسيع فرص التدريب الميداني داخل المؤسسات والشركات، بحيث يكون جزءًا أساسيًا من البرنامج الدراسي، وإدخال أنظمة التعلم التشاركي بين الجامعات وسوق العمل، مما يضمن توافق المقررات الدراسية مع احتياجات القطاعات المختلفة، وتعزيز استخدام المحاكاة والمختبرات التطبيقية، خصوصاً في التخصصات التي تتطلب مهارات تقنية أو طبية متقدمة.
تحديث المناهج
ومن ناحية مواءمة التعليم الأكاديمي مع احتياجات سوق العمل، اتفق المشاركون في الحوار على أن بعض المقررات لم تعد تواكب التطورات التكنولوجية، مما يعوق تأهيل الطلاب لمهن المستقبل.
ولحل هذه المشكلة، يجب تحديث المناهج بشكل دوري، بالتعاون مع خبراء المجال لضمان مواكبتها لأحدث الاتجاهات، وإدراج مقررات حول ريادة الأعمال والتكنولوجيا الحديثة، مما يساعد الطلاب على تأسيس مشاريعهم الخاصة بدلاً من البحث عن وظائف تقليدية، وتوفير برامج تعليم مستمر للطلاب والخريجين، عبر منصات إلكترونية ودورات تدريبية قصيرة تساعدهم على تطوير مهاراتهم بعد التخرج.
وحول بعض المخرجات نوهت الباحثة التربوية بأن تحديث المناهج الدراسية لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة لتحقيق التكامل بين مخرجات التعليم وسوق العمل المتغير، أي يجب أن يكون هناك شراكة حقيقية بين الجامعات والقطاع الصناعي والتكنولوجي لضمان إعداد جيل من الخريجين القادرين على مواجهة تحديات المستقبل، كما أن الطلاب أنفسهم يلعبون دوراً مهماً في المطالبة بالتغيير والمشاركة في تطوير بيئات التعلم لجعلها أكثر تفاعلية وتطبيقية.
فالتعليم ليس مجرد شهادة أكاديمية، بل رحلة مستمرة نحو اكتساب المهارات والمعرفة التي تضمن النجاح في الحياة المهنية.
#صحيفة_الثورة