الثورة – لينا إسماعيل:
يحكي جامع السلطان إبراهيم بن الأدهم قصة نادرة في التاريخ، لسلطان أفغاني ترك المُلك واستقر في مدينة جبلة السورية زاهداً، بعد أن جاب بلداناً عديدة، فمكث فيها 42 عاماً حتى وافته المنية، ودفن فيها عام 777 ميلادي.
تحدث عدد من المؤرخين عن السلطان إبراهيم الذي ذاع صيته لدرجة كُتبت عنه روايات باللغات العربية والتركية والهندية والإندونيسية، كما نُظمت عنه ملاحم شعرية، وهو ابن مدينة بلخ في أفغان، ولد فيها مطلع القرن الثامن الميلادي من أب عربي الأصل، وتزوج والده الأدهم من بنت سلطان بلخ فأنجبت إبراهيم، وعندما توفي والده أصبح إبراهيم سلطاناً على بلخ وهو في مقتبل العمر، وما إن اعتلى العرش حتى بدأ يسمع نداءات خفية تحثه على ترك العرش والتفرغ للعبادة، ما دفعه للتخلي عن الملك مغادراً مكانه وراح يتجول في البلاد وهو في حالة من التقشف والزهد.
استقر به المقام أخيراً في مدينة جبلة الساحلية، فمكث فيها حتى وفاته, وتحول ضريحه إلى مسجد يصنف في المرتبة الأولى للعمارة العربية الإسلامية، ويقع في الشمال الشرقي من المدينة القديمة وسط جبلة، تم تشييده في القرن الثامن الميلادي، ويتسم بطابع العمارة العربية المملوكية، وباتساع بنائه المستطيل، وبمئذنته البديعة وعدد القباب الفريدة، وفي الزاوية الشرقية من المسجد يقع المقام الذي يضم ضريحه، وإلى يمين المدفن توجد لوحة تاريخية مؤرخة في عام 514 هجري.
يذكر المؤرخون أن والدة السلطان إبراهيم لحقت به باحثة عنه لإعادته إلى عرشه، واضطرت للبقاء معه بعد رفضه العودة، فشهدت وفاته واشترت أملاكاً كثيرة بجانب قبره حولتها إلى وقف لتخليد ذكراه، وغادرت فيما بعد إلى اللاذقية، وتوفيت هناك ودفنت في حيٍ يعرف باسم حي أم إبراهيم، ثم تم نقل رفاتها إلى جبلة جانب قبر ولدها الذي أرادت أن يخلد التاريخ اسمه فكان لها ذلك.
#صحيفة_الثورة