الثورة – ديب حسن:
واحد من أهم الوجوه الثقافية والفكرية والإبداعية السورية في القرن العشرين، ترك بصمة في الشعر والنقد وفي المواقف السياسية التي كانت تعارض بقوة ودقة ما يقوم به النظام البائد أيام حافظ الأسد، وكانت مجلة الوطن العربي منبراً له.
لم يصمت على ما كان يمارس من ظلم ومن تغييب للحريات وانتهاك للكرامات وغيرها.
وكان ثمن المواقف غالياً.. الخروج من الوطن إلى المنفى إلى الموت غريباً.
والشاعر كما هو معروف هو سليل أسرة عريقة فهو ابن سليمان الأحمد وشقيق الشاعر بدوي الجبل الذي أيضاً دفع ثمن مواقفه، ولاسيما بعد هزيمة ١٩٦٧م وقصيدته المشهورة.
رمل سيناء قبرنا المحفور..
وعلى القبر منكر ونكير..
اليوم نستعيد بعضاً من إبداع الشاعر أحمد سليمان الأحمد في مجموعته (الكلمة للشمس للشهيد) الصادرة عام ١٩٦٧، النص الأول جاء تحت عنوان “إلى أمي” يقول فيه:
وجهك والدموع..
تحجبني عنك وصيحة الرجوع..
لأجل أن لا يمحى من عمرنا الربيع..
لأجل أن يحلم كالملائك الأطفال
فلا تروع ليلهم أغوال…
لأجل أن لا تستباح
مكاسب العامل والفلاح
لأجل أن لا نحصد التهريج
لأجل أن نحب …أن نحيا بعالم بهيج.
لأجل أن تموج
في أرضنا السنابل الصفراء والورود.
لأجل أن أعود
إليك يا أم ويرجع الرفاق
آثرت أن اقتحم الآفاق.
بكلمة خضراء لم تذبل لها أوراق ١٩٥٩.
ويبدو أن هاجس اللقاء يؤرق الشاعر وهو بعيد عن الوطن فيأتي النص الثاني تحت عنوان “لقاء”:
سنلتقي رغم جبال الموج والأسوار.
سنلتقي في فرحة انتصار
عيني في دمشق غاب الدوح روضة الانتصار.
كعهدنا كعهدنا مرابع الأحرار
صامدة ما أطرقت لوثن
شامخة بجرحها لم تنحن
سنلتقي عبر حدود المحن
وأكتب القصيدة التي حلمت أنني
اكتبها في وطني ١٩٥٩
وبحدس الشاعر الرؤيوي يكتب قصيدة: طغاة وشعب كأنها كتبت اليوم بل كأنه كان يقرأ حال ما مرت به سوريا.
حشدوا الجليد فكان شعبي
الشمس وانصهر الجليد
حشدوا الردى في ألف لون
كلها نذل حقود
فالشام تنبت كالأزاهر
في روابيها اللحود.
وممارسات الطغاة الذين لا يعرفون شيئاً من الإنسانية ولا الكرامة، وهم يتفنون بكل أساليب التوحش، فهي قتل وتجويع وحصار وما في مفردات الإهانة من أساليب:
هذي المنافي والمقابر
والسجون هي الشهود
فإذا بدا مستعمر
سجدوا وطال بهم سجود
لم يحصد الفلاح غير
خداعهم… بئس الحصيد
بطاقة
أحمد سليمان الأحمد (1926- 1993) شاعر وأستاذ جامعي وناقد أدبي سوري من القرن العشرين، ولد في قرية السلّاطة في اللاذقية، تتلمذ على والده سليمان الأحمد وهو شقيق الشاعر محمد سليمان الأحمد (بدوي الجبل)، تابع أحمد الأحمد دراسته في الكلية العلمانية بطرطوس وتخرّج فيها عام 1942، وتابع تحصيله العالي فحصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، هاجر إلى الأرجنتين ولم يُطل المقام فيها وعاد إلى وطنه، ثم تنقّل بين عدد من البلدان وعمل بالصحافة العربية والفرنسية، والتدريس الجامعي في عدد من الجامعات منها جامعة صوفيان عثر عليه ميتاً في بلغاريا، له مؤلفات عديدة في الشعر والمسرح وعدد من الترجمات الأدبية.
من دواوينه الشعرية: أغان صيفية، 1967الكلمة للشمس والشهيد، 1967الرحيل إلى مدينة التذكار، 1970 نوافذ البروج المضاءة، 1971، 1973، أوراد وحلم آخر في العيون، 1977 للكلمات جهات تقصدها عمداً، 1979ويسألونك عن الشكل الأسمى، 1979.
وفي الدراسات الأدبية: المسرح الشعري، 1967حول الشعر العربي الحديث، بالروسية، 1973 هذا الشعر الحديث، 1975الشعر العربي والقضية الفلسطينية، 1973المجتمع في المسرح العربي الشعري.