الثورة – لميس علي:
انتقال المرء من كمال أقل إلى كمال أكبر هو الفرح، بحسب سبينوزا.. وبالتالي هو حركة من ارتقاء النفس نحو حالة أخلاقية أكثر اكتمالاً وأعظم.
لطالما ربط سبينوزا مفهوم الأخلاق لدى المرء بمدى قدرته على تحصيل لحظات السعادة والفرح.
بدوره، نيتشه جعل من قدرة المرء على عيش الفرح مرتبطةً بمدى قوته، ليصل إلى درجة يجعل فيها الفرح هو “المعيار الأخلاقي” للفعل الإنساني. من الملاحظ، أن كل من سبينوزا ونيتشه اُعتبرا من فلاسفة الفرح، ورفعا من شأن الأفعال الإنسانية التي تربط الأخلاق بالحالات البشرية الإيجابية الفرحة، وبالتالي كل حالة ارتقاء وتطور لديك، تستجلب لك الإحساس بالفرح.
ثمة تفسير خاص لدى نيتشه بتحديد معنى الانسجام والتناغم مع الحياة بكل ما تمنحه لنا من سلبيات وإيجابيات، من فرح وحزن..فبالنسبة له كلّما قدرنا على التصالح مع أوجاع وتعاسة الحياة، كلّما كنا أقدر على تثمين لحظات الفرح والسعادة.. وكنا أكثر ذكاء بصنعها والتقاطها.
أما من حيث إبصار الفرح في أشياء تمنحه سلفاً ووفق نظرة عامة وسطحية يتشارك فيها (الجميع)، فهو ما يبدو شيئاً غير مرتبط بمفهوم القوة لدى المرء، تلك القوة التي ربطها نيتشه بمدى قدرة أي منا على صيد فرحه واجتهاده في الوصول إليه والحفاظ عليه. ولهذا.. لم تكن المفاهيم العامة، والمناسبات الجماعية، ولا الأشياء التي تتأتى منها، موضع سعادة..تماماً كما موقفه من الأعياد..
فهذه الأخيرة ترتبط سلفاً بمفهوم الفرح لدى “العامة”.. أو تستحضر حالة فرح معدّة سابقاً.. بمعنى أنها تستجلب فرحاً غير أصيل.. أو فرحاً آنياً ولحظياً.
عن الأعياد، يقول نيتشه: “رأيتها مليئةً بالممثلين، ورأيت المتفرجين أبرع منهم تمثيلاً”.