تهرّب ضريبي شفوي في دمشق.. والمواطن والدولة متضرران

الثورة – سومر الحنيش:

جلس “محمد” في مقهى شهير في مول قاسيون ببرزة، طلب فنجان قهوة وأركيلة، وعند طلبه الفاتورة، ابتسم النادل وقال: “المجموع 90 ألف ليرة، من دون أن يسلمه إيصالاً، تساءل الرجل: “لماذا ترفض المطاعم إعطاء الفواتير؟، ولماذا الأسعار تشبه دول الخليج رغم أننا في أزمة؟”.

“أحمد فواز”- رب أسرة ميسور الحال، يقول: “أغلب الأحيان أقوم بشراء العشاء لأسرتي عند عودتي إلى المنزل، لاحظت منذ فترة قيام بعض المطاعم بقطع الطلب (شفهياً) من دون إيصال، وعند سؤالي للمدير المسؤول، أجابني بالحرف: “نحاول التهرب من الضريبة من خلال إغفال قطع بعض الطلبات بشكل يومي، الوضع صعب والضرائب مرتفعة بهذه الخطوة نستطيع أن نخفف من الصرفيات”.

هذه القصص ليست استثناء، بل جزءاً من واقع يعيشه السوريون يومياً، حيث تختلط ثقافة التهرب الضريبي بغياب الشفافية في التسعير.

تشهد سوريا منذ سنوات انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، وتضخماً تجاوز سابقاً الـ300 في المئة، وانهياراً بقيمة الليرة السورية في هذا المشهد، يصارع أصحاب المطاعم لتغطية تكاليف تشغيل أعمالهم، من فواتير المواد التشغيلية إلى أسعار المواد المستوردة.

ويقول “أبو علي”- صاحب مقهى في “أبو رمانة”: الضرائب وحدها تلتهم 12 في المئة من أرباحنا، رغم أن الزبائن عددهم قليل مقارنة بالعام السابق.

لكنّ المفارقة التي تصدمك تكمن في أنّ أسعار الأطباق والمشروبات في العديد من هذه المنشآت لا تعكس الواقع الاقتصادي للمواطن، بل تبدو أقرب إلى أسعار المناطق الراقية في دول الجوار أو حتى بعض دول الخليج!.

تهرّب ضريبي والأسعار مرتفعة

تتبع الكثير من المطاعم استراتيجية مزدوجة في عدم إصدار فواتير لتجنب تسجيل المبيعات، ورفع الأسعار من دون مبرر واضح، فالأسعار بقيت على حالها والدولار انخفض.

يقول الخبير الاقتصادي أمجد الحسن لـ”الثورة”: التهرّب الضريبي يزيد هامش ربح صاحب المقهى بنسبة قد تصل إلى 40 في المئة.

ويضيف: المفترض أن ينعكس التهرب على الأسعار، لكن غياب الرقابة يسمح بالجشع، ورغم المكاسب غير القانونية يرى المواطنون أنّ أسعار المطاعم “مبالغ فيها”.

تقول ريم، طالبة جامعية: سعر عصير البرتقال في بعض المقاهي 70 ألف ليرة أي ما يعادل ربع راتب الموظف.

بينما يبرر صاحب مطعم في الشعلان: المواد الخام نشتريها بالدولار، وأجور التشغيل مرتفعة، لذلك لا نستطيع خفض الأسعار.

المجتمع بين القبول والرفض

في استطلاع لمجموعة من مرتادي المطاعم، تبين أن 60 في المئة لا يطلبون الفاتورة، بينما 25 في المئة يشعرون أن السعر سيرتفع لو طلبوا إيصالاً، و15 في المئة فقط يصرون على الفاتورة كحق قانوني”.

حلول مقترحة

الخبير الاقتصادي حسن العبودي، يقول:هنالك العديد من الإجراءات التي من الممكن أن تقوم بها الدولة، ومنها يجب تخفيض نسبة الضرائب على القطاع الغذائي، مع إعفاءات للمنشآت الصغيرة، وإلزام المطاعم باستخدام “كاشير” معتمد من وزارة المالية، والقيام بحملات توعية تظهر كيف تتحول الضرائب إلى خدمات عامة تعود بالنفع على المواطن.

ختاماً التهرب الضريبي ورفع الأسعار ليسا مجرد انتهاكات مالية، بل علامة على انهيار العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن والتاجر، والسؤال الأهم يبقى: كيف ستبني سوريا مستقبلها الاقتصادي إذا ظلت ثقافة “اللا مسؤولية” هي السائدة؟.. الجواب قد يكون في فاتورة بسيطة تكتب وتسلم بكل شفافية.

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك