دمشق بحلتها الجديدة بعد إزالة البسطات.. الانتقال من الفوضى إلى التنظيم

الثورة – مريم إبراهيم ولينا شلهوب:

بين أخذ ورد وحديث هنا وهناك، وشريحة مجتمعية امتهنت العمل بالبسطات، وبين أصحاب محال امتعضوا من زيادتها وانتشارها بعشوائية، وأفراد مجتمع وجهات معنية وجدت الأمر يزداد سوءاً وفوضى ليشكّل خطراً وتهديداً لمنظر دمشق الحضاري كعاصمة، كما باقي المدن والأحياء في المحافظات الأخرى بشكل عام، مؤخراً بدأ موضوع البسطات الحديث الأبرز بعد انتشارها بشكل لافت، وتمددها لتأخذ أكبر قدر من مساحات المدينة، وحتى الأرصفة بات منظرها مخصصاً لأنواع مختلفة من بضائع تعرض كبسطات من ألبسة وأحذية وأغذية، أصناف كثيرة من استهلاك واحتياجات المواطن اليومية، حيث تعد مصدراً لتأمين لقمة العيش للكثيرين من الباحثين عنها في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

حلول مجدية

الخبير التنموي والاقتصادي عامر ديب بيّن لـ”الثورة” أنه تم طرح حلول سابقة لتنظيم موضوع عمل البسطات، وهي حلول مجدية وترفد خزينة الدولة بالمال، كما تنظّم العمل وتعطي الجودة، ولا يمكن اليوم في ظل معدلات البطالة وتراجع الاقتصاد والقوة الشرائية أن نلغي البسطات، فهذه الصعوبات تجعل الناس يبحثون عن لقمة عيشهم، وهذا أمان اجتماعي واستقرار أمني، عوضاً عن أنهم سيكونوا عالة على المجتمع، فالبسطات تعد مشاريع صغيرة وتصل إلى متوسطة إذا تم تنظيمها أو العمل عليها بشكل صحيح.

وأكد أن تخصيص مكان لأصحاب البسطات يكون عبر فرض رسوم نظافة في مكان التجمع، وتحديد غرامات عليهم في حال مخالفتهم، إضافة إلى العمل على متابعة السلع المعروضة على البسطات من ألبسة وغذائيات والرقابة على مدة صلاحيتها للاستهلاك البشري، وتنظيم ضبوط بحق المخالفين، إذ إن تنظيم الفوضى هو الأهم ويحقق الانسيابية في العمل، فالبطالة منتشرة والوضع الاقتصادي متردًّ، فالأفضل تنظيم البسطات وإيجاد أماكن لها قريبة من المدن، مع تأمين المواصلات، لأن من يذهب إليها هم شريحة الطبقة الوسطى والفقيرة، ولها مرتادوها، لأن المحال النظامية أسعار بضاعتها عالية، وليس عليها رقابة، فهناك محلات تبيع بضاعة النخب الرابع على أنها نخب أول، مما يؤكد أهمية تنظيم البسطات بالشكل والشروط المحددة التي تحقق الغاية منها، وهذا كله يكون في إطار بناء المؤسسات.

مرخصة ومنظمة

الإعلامية راما الحسين أوضحت لـ “الثورة” أنه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، انتشرت البسطات بشكل واسع في شوارع دمشق، كمتنفس لبعض الناس لتأمين قوت يومهم بعد تسريح الكثير من وظائفهم، والمطالبة اليوم ليست بإزالة البسطات دون رحمة، بل ندعو لتنظيمها، وتحويلها لأسواق مرخّصة ومنظّمة، تضمن للبائع كرامته، ولمدينة دمشق أناقتها، وللدولة مورداً مالياً إضافياً، كما أن تجربة طرطوس عام ٢٠٢٠ خير دليل، حيث أقيمت أسواق مغطاة جمعت الناس وأمّنت لهم مصدر دخل، ونظّمت المدينة بطريقة حضارية وعصرية، حتى أوجدت فرص عمل إضافية لعمال النظافة، فالحل موجود، ولكن فقط نحتاج إرادة فعل وتخطيط عادل، بما يحقق الهدف من تنظيم هذا الموضوع، وبالتالي المحافظة على تأمين لقمة العيش لأصحاب البسطات بالتوازي مع الحفاظ على المظهر الحضاري للمدن عموماً.

صوابية القرار

بعد إصدار قرار من وزارة الإدارة المحلية والبيئة حول إزالة البسطات، أطلقت محافظة دمشق أوائل الشهر الجاري حملة شاملة لإزالة جميع البسطات العشوائية المنتشرة على الأرصفة والطرقات بعد انتهاء المهلة التي منحت لأصحابها، وشملت مناطق عدة بدمشق، مع التشدد بعدم السماح بعودة أي مظهر من مظاهر الفوضى والتعدي على الأملاك، إضافة إلى أنها حددت إحدى عشرة موقعاً مؤقتاً، كساحات بيع بديلة عن البسطات المخالفة، منها السويقة، وابن عساكر، والزاهرة، وحديقة دوار المطار، بهدف تحويلها لمناطق منظمة، بما يحقق عملية توازن بين حقوق الباعة، ومصلحة المستهلك عموماً.

منتهية الصلاحية

عدد من أصحاب المحال، منهم في مناطق بدمشق وريفها، أكدوا لـ”الثورة” أنه بعد أن امتلأت الشوارع، بالبسطات من دون وجود رقيب عليها، ورغم انخفاض أسعارها، إلا أن هناك مواد تباع- حسب مواطنين- منتهية الصلاحية، ومنها لا يحمل ماركة، أو اسماً لشركة أو معمل، وبالتالي ليست مضمونة، لكن نتيجة توفرها بأسعار منخفضة تم اللجوء إليها من قبل المواطنين، مما انعكس سلباً على سوق البيع بالمحال نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخاضعة للضرائب، وخاصة المحال الموجودة على الشارع الرئيسي، فبات هناك مضاربات نتيجة وجود بسطات أمام المحال، مشيراً إلى أن إزالة البسطات قرار ايجابي، لجهة أن المواد التي تباع تصبح بين أيادٍ أمينة أكثر، كما أنها تحقق مظهراً جمالياً للمنطقة بعيداً عن الازدحام، والضغط المروري للمارة.

تنظيم العمل

صاحب محل لبيع المكسرات في البرامكة أكد أن الأمر وصل بالبعض من ذوي البسطات أن يجمع أكياساً تحتوي كميات محددة من المكسرات أو الشيبسات، وبيعها بأسعار زهيدة، ونتيجة انخفاض السعر، يقبل المواطن على الشراء، إلا أنه يتفاجأ بأن أكياس “المقرمشات والشيبسات” يرافقها طعماً غير مستساغ، كونها مجهولة المصدر والصلاحية، وربما تكون مستوردة ومخزنة في المخازن منذ فترة طويلة.
أبو هادي- صاحب بسطة، أوضح أنه رجل بلغ من العمر 74 عاماً وليس لديه القدرة على مزاولة أي عمل، ولا معيل له لتأمين المعيشة لأسرته، فكانت البسطة هي المورد الذي يدعمه ولا يحتاج لبذل الجهد.
أبو الوليد لديه محل لبيع الألبان والأجبان، استغرب كثيراً لجوء عدد من المواطنين لشراء الحليب ومشتقاته من البسطات، كون المادة لها خصوصيتها، فهي تفقد جودتها إذا لم تخضع لشروط صحية، داعياً لتنظيم هذا النوع من العمل، وتحقيق خدمة للمواطن.

آخر الأخبار
تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا واشنطن: بإمكان إيران امتلاك برنامج نووي سلمي بحال تخليها عن التخصيب The New Arab: "نسور الحضارة 2025" توسع التعاون العسكري بين مصر والصين "لعنة الضرائب" تلاحق ترامب: ١٢ ولاية أمريكية تطعن قضائياً بالرسوم الجمركية "كسب الزبون" خاصية التاجر الناجح Responsible Statecraft: السفير الأميركي هاكابي يعترف: إسرائيل تمنع الغذاء عن سكان غزة "الأورومتوسطي": التهجير القسري للفلسطينيين إحدى أدوات الإبادة الجماعية استشهاد العشرات وتهجير الآلاف..الاحتلال يواصل مجازره في الضفة والقطاع "الإدارة المحلية": لجان لتذليل التحديات وللنهوض بعمل الوحدات الإدارية انخفاض طفيف على أسعارها.. النظارات الطبية والشمسية رؤية غير واضحة The NewArab: الخطوط الجوية التركية ترى فرصة هامة للنمو في سوريا